الرئيس التنفيذي
أشرف الحادي

رئيس التحرير
فاطمة مهران

ستوكهولم تقدم للعالم نموذجاً بديلاً لمكافحة التدخين

هل آن الأوان لإعادة النظر في السياسات التقليدية المرتبطة ببدائل السجائر؟

في ظل تصاعد التحديات الصحية المرتبطة بالتدخين، تبرز تجارب دولية مختلفة في التعامل مع هذه الآفة، بين من تفضل المنع والتقييد، ومن تميل لتبني سياسات مبتكرة تهدف إلى الحد من المخاطر دون تشجيع مباشر على الاستهلاك.

في هذا السياق، يبرز النموذج السويدي كمثال يستحق التأمل، باعتباره تجربة واقعية تشير إلى نتائج ملموسة في تقليص أعداد المدخنين. بحسب معايير منظمة الصحة العالمية، فإن السويد تعد حالياً الدولة الأولى عالمياً التي استطاعت أن تصبح خالية من التدخين، محققة الريادة في تخفيض نسبة المدخنين إلى أقل من 5%، الأمر الذي يُعزى إلى الاعتماد في المقام الأول على بدائل خالية من الدخان، ومن أبرزها منتج “السنوس”، الذي يعد نوعاً من التبغ الفموي المُستخدَم تقليدياً في السويد، إلى جانب منتج أكياس النيكوتين.

في المقابل، اختارت دول مثل إسبانيا نهجاً أكثر تشدداً، يتمثل في فرض قيود صارمة على جميع أشكال النيكوتين، سواء كانت سجائر تقليدية أو إلكترونية أو بدائل خالية من الدخان. وقد أثار هذا التوجه جدلاً داخل الاتحاد الأوروبي، لا سيما مع اعتراضات دول مثل السويد وإيطاليا واليونان ورومانيا والتشيك، التي رأت أن التقييد المطلق لا يأخذ بعين الاعتبار الفروقات بين المنتجات التقليدية والبدائل الأقل خطورةً.

ولا يُصنف النيكوتين كمادة مسرطنة من قِبل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، ولا من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أو خدمة الصحة الوطنية البريطانية (NHS) وهذا التصنيف ليس مجرد مسألة أكاديمية، بل يُعد عنصرًا أساسيًا في صياغة واعتماد سياسات وبرامج فعّالة في مجال الصحة العامة.

وينبغي أن تستند السياسات الصحية إلى الأدلة العلمية، لا إلى المخاوف أو الوصمة الاجتماعية. فعندما نُقصي العلم لصالح الأيديولوجيا، فإننا نخفق في حماية من نُفترض أننا نخدمهم. تقليل مخاطر التبغ ليس نوعًا من التهاون، بل هو التزام حقيقي بمبدأ العدالة الصحية.

أما المدافعون عن النهج السويدي، ومنهم الخبير العالمي في علاج الإدمان على التبغ، كارل فاجرستروم، يعتبرون أن المشكلة لا تكمن في النيكوتين نفسه، بل في طريقة استهلاكه؛ فبينما تعتمد السجائر التقليدية على معادلة حرق التبغ واستنشاق الدخان المحمّل بالسموم، فإن البدائل الفموية تقصي هذه الآلية تماماً، مما يقلل من المخاطر الصحية المرتبطة بها، حتى وإن لم تكن خالية من المخاطر تماماً.

وفي ذات السياق، يشير فاجرستروم إلى أن الحد من محتوى النيكوتين في المنتجات البديلة قد لا يكون فاعلاً كما يُعتقَد، بل إنه قد يدفع المستهلكين إلى البحث عن مصادر أخرى غير قانونية، وربما أكثر خطورة، مؤكداً أن سياسة “الحد من المخاطر” لا تعني الترويج للمنتج، بل تعني إخضاعه للتنظيم بما يحقق التوازن بين تقليل مخاطر التدخين وحماية الفئات التي تعد أكثر عرضة للتأثر سلباً بمنتجات النيكوتين أو التبغ بسبب العوامل العمرية أو الاجتماعية أو الصحية، خاصة اليافعين والشباب.

وتأتي خصوصية التجربة السويدية من كونها نجحت في الحفاظ على استثناء قانوني يسمح بتداول “السنوس” داخل أراضيها منذ العام 1995 دوناً عن جميع دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما ساهم بحسب مختصين، في تحقيقها أدنى معدلات لسرطان الرئة بين الدول الأوروبية.

وعلى ذلك، فإن المتمعن سيدرك أن السياسة الصحية المثلى لا تقتصر على الحظر والمنع، بل تقوم على الموازنة بين التشريعات الوقائية والواقعية السلوكية للمستهلكين. ومن هنا، فإنه قد يكون من المفيد والمؤثر التفكير في نهج شامل يقوم على التوعية وتنظيم البدائل وتقنينها لاجتذاب المدخنين بعيداً عن الخيارات التقليدية ومنحهم الفرصة للتحول إلى بدائل أقل خطورة، بدلاً عن إبقائهم محصورين في استخدام المنتجات التقليدية التي تعد أكثر خطراً.

إن الحديث عن بدائل التبغ ليس دعوة لتوسيع دائرة الاستهلاك، بل فرصة لإعادة تقييم الأدوات والسياسات، بما يحقق الهدف الأسمى: تقليل الأمراض المرتبطة بالتدخين وحماية الصحة العامة، وذك ضمن أطر قانونية وأخلاقية واضحة.

وبينما تختلف التجارب من دولة إلى أخرى، تظل المراجعة الدورية للسياسات الصحية ضرورة لا غنى عنها في عالم تتغير تحدياته باستمرار.

أخبار ذات صلة

تألق الملاذات الآمنة مع استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي

 تراجع أسعار الفضة بعد بلوغها مستويات قياسية وسط ضبابية اقتصادية عالمية وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية

إنخفاض التجارة بين إيطاليا وليبيا في عام ٢٠٢٥.. ورما: الإنخفاض أعاد التوازن التجاري

الفضة تسجل أعلى مستوى منذ 1980 وسط الإغلاق الحكومي الأمريكي وأزمة سيولة في لندن

تجدد الحرب التجارية يحد من ارتفاع الدولار

مركز «الملاذ الآمن» :الفضة تلامس أعلى مستوياتها منذ 2011 وتتفوق على الذهب كأفضل المعادن أداءً في 2025

الذهب يعود للارتفاع من جديد

الذهب يواصل مكاسبه للأسبوع الثامن على التوالي ويتجاوز حاجز الـ4000 دولار

آخر الأخبار
رئيس الوزراء يلتقي وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية والوفد المرافق لها وزير السياحة والآثار يلتقي مع الأمين العام المُنتخب لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة دي إكس بي لايف تُعلن موعد انطلاق الدورة الخامسة من معرض "عالم القهوة – دبي 2026" رئيس الوزراء يستعرض مع الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية مستجدات برنامج الفضاء الوطني محمد الدماطي: أزمة القمة أكدت احترام الأهلي لنفسه.. وغالي كان بعيدًا عن المجلس ومحمود طاهر نموذج للق... الدماطي: ترشحت لخدمة الأهلي.. ونهائي القرن أغلى بطولاتي محمد الدماطي: استاد الأهلي الجديد حلم يتحقق.. وقرار الخطيب قلب الموازين نيشنز أوف سكاي تطلق المرحلة الأولى من مدينة چريان رسمياً.. أول جزيرة في قلب المدينة وزير التربية والتعليم يواصل جولاته الميدانية فى محافظات الصعيد ويزور عددًا من المدارس بمحافظة سوهاج "سيركلي" تجمع 12 مليون دولار في جولة تمويل من السلسلة "أ" لمنصتها الخاصة وزيرة التخطيط تبحث مع رئيس جامعة القاهرة تعزيز التعاون المشترك وتستعرض «السردية الوطنية للتنمية الاق... "VQ Communications وCONNECT-PS تعلنان شراكة استراتيجية في جيتكس 2025 بدبي حلقة جديدة من سلسلة "Invitation" من Warner Bros تسلط الضوء على الوجهات الرئيسية لشركة أوراسكوم للتنم... New Episode of Warner Bros.’ “Invitation” Series Highlights Orascom Development’s Flagship Egyptian ... مجموعة مستشفيات ألاميدا تعزز ريادتها في مجال رعاية أمراض القلب من خلال تدريب الأطباء بنك التعمير والإسكان يعلن عن الفائزين ضمن حملته الترويجية لبطاقاته الائتمانية والخصم المباشر ستيلانتس تستثمر 13 مليار دولار للتوسع في الولايات المتحدة ستوكهولم تقدم للعالم نموذجاً بديلاً لمكافحة التدخين Dubai real estate holds firm in Q3 2025, driven by strong apartment sales and record prices عوده كابيتال تعلن عن شراكة استراتيجية مع أزاكاو لتعزيز الامتثال والتحول الرقمي