تشهد أسواق العملات استقرارًا نسبيًا رغم تقلبات أسواق الأسهم، وارتفاع مستويات القلق بشأن تقييمات الأصول، والانهيار الحاد في سوق العملات الرقمية. ويبدو أن الدولار يعيد تأكيد مكانته كملاذ آمن، بعدما سجل مكاسب أمام معظم العملات الرئيسية خلال الأسبوع الماضي. ورغم أن هذه التحركات كانت محدودة، فإن نطاقات التداول التي استقرت منذ يونيو لا تزال قائمة حتى الآن.
في المقابل، كانت سلع وعملات أمريكا اللاتينية من أبرز الخاسرين خلال الأسبوع، متأثرين بموجة العزوف عن المخاطرة والتراجع الحاد في أسعار السلع الأساسية. ومع ذلك، ما زالت هذه العملات إلى جانب السلع الأساسية من بين أفضل الأصول أداءً منذ بداية العام، وقد يُنظر إلى الموجة البيعية الأخيرة على أنها تصحيح صحي ضمن مسار عام إيجابي.
وقال إينريكيه دياز ألفاريز، المحلل الرئيسي في شركة إيبوري: “وإذ تحتفل الولايات المتحدة الأمريكية هذا الأسبوع بعطلة عيد الشكر، فذلك يعني غيابًا شبه تام للبيانات الاقتصادية المهمة. ومع ذلك، فإن استمرار شح المؤشرات الصادرة بسبب إغلاق الحكومة الفيدرالية يُضفي أهمية خاصة على بيانات مبيعات التجزئة المنتظر صدورها يوم الثلاثاء، حيث ستكون موضع متابعة دقيقة من قبل الأسواق”.
وتابع: “أما في أوروبا، فيتضمن الجدول الاقتصادي عددًا من خطابات مسؤولي البنك المركزي الأوروبي، لكنها لا تُعد كافية لتحريك الأسواق بشكل جوهري. في المقابل، يتجه التركيز هذا الأسبوع نحو المملكة المتحدة، حيث من المنتظر صدور الموازنة العامة يوم الأربعاء. وعلى الرغم من عودة قدر من الاستقرار مؤخرًا إلى كل من الجنيه الإسترليني وسوق السندات البريطانية (Gilt)، إلا أن الأسواق لا تبدو مستعدة لتقبل أي مناورات مالية أو حيل حسابية في محتوى الموازنة، ما يجعل الاستجابة رهينة بمصداقية الطرح المالي”.
الدولار الأمريكي (USD)
أظهر تقرير سوق العمل الأمريكي لشهر سبتمبر، والذي تأخر صدوره بسبب إغلاق الحكومة، مفاجأة إيجابية، حيث أوحى بأن سوق العمل لم يشهد تباطؤًا حادًا حتى قبل شهرين. فقد أضاف الاقتصاد الأمريكي 119 ألف وظيفة صافية، فيما أشار المسح المنزلي المنفصل إلى ارتفاع طفيف في معدل البطالة، نتيجة ازدياد المشاركة في سوق العمل، وهو ما يُعد مؤشرًا إيجابيًا على المدى الطويل.
وأضاف إينريكيه: “فيما يوفر استئناف صدور البيانات الاقتصادية بعد إعادة فتح المؤسسات الحكومية حتى الآن دعمًا إضافيًا للدولار. وفي حين تسود بعض المخاوف من أن تؤثر اضطرابات أسواق الأسهم سلبًا على ثقة المستهلكين ومستويات الإنفاق، إلا أننا نرى أن هذه المخاوف مبالغ فيها. فتراجع المؤشرات الأمريكية لم يتجاوز المستويات التي كانت عليها قبل أقل من ستة أسابيع، ولا تزال الأسواق المالية مرتفعة بنسبة 12% منذ بداية العام”.
الجنيه الإسترليني (GBP)
جاءت البيانات الاقتصادية الصادرة في المملكة المتحدة خلال الأيام الماضية ضعيفة في مجملها، ما يزيد من حساسية الأسواق تجاه موازنة الأسبوع المقبل المرتقبة. فلا تزال معدلات التضخم تدور حول 4%، وهو مستوى بعيد عن الهدف المحدد عند 2%. كما جاءت أرقام مبيعات التجزئة لشهر أكتوبر مخيبة للآمال، وتوقف مؤشر مديري المشتريات لنشاط الأعمال في نوفمبر، مدفوعًا بتراجع حاد في ثقة قطاع الخدمات.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى الغموض سيد الموقف بشأن موازنة المستشارة راشيل ريفز. فبعد استبعادها لزيادة ضرائب الدخل، من غير الواضح ما إذا كان هناك مجال كافٍ لرفع الضرائب الأخرى بما يضمن تأمين الـ 30 مليار جنيه إسترليني المطلوبة، لا سيما إذا استبعدت أيضًا تخفيضات كبيرة في الإنفاق العام، كما هو متوقع. وبالتالي، تستعد الأسواق لأسبوع مليء بالتقلبات بالنسبة للجنيه الإسترليني.
اليورو (EUR)
لم تحمل مؤشرات مديري المشتريات لنشاط الاقتصاد في منطقة اليورو لشهر نوفمبر أي مفاجآت تُذكر. فالاقتصاد لا يزال يحقق نموًا محدودًا، وسط استمرار التباين بين قطاع صناعي يعاني من الجمود، وقطاع خدمات يُظهر أداءً أكثر استقرارًا.
ورغم أن البيانات لا تزال متأخرة زمنيًا، إلا أن منطقة اليورو واصلت تحقيق نمو صافي في الوظائف حتى نهاية الربع الثالث من عام 2025. ومع ذلك، فإن وتيرة التوسع الاقتصادي تشهد تباطؤًا تدريجيًا، كما هو الحال في العديد من الاقتصادات الكبرى. وبفضل متانة سوق العمل حتى الآن، نتوقع أن يواصل قطاع الخدمات لعب دور داعم في تحقيق نمو معتدل في المنطقة، ما يشكل عامل دعم إضافي لليورو في المرحلة المقبلة.







