ألقى اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة خلال فعالية إطلاق تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في مصر للعام الحالي 2021، بتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والذي جاء بعنوان “التنمية حق للجميع : مصر المسيرة والمسار”، ليضم مؤشرات دقيقة حول جهود الدولة نحو تحقيق التنمية الشاملة خلال الأعوام الماضية في كافة نواحي الحياة في مصر.
وفي مستهل كلمته، توجه رئيس الوزراء بالتهنئة إلى رئيس الجمهورية بعودة إصدار هذا التقرير المهم جداً لمصر ولكل دول العالم، كما توجه بالشكر لكل الخبراء في فريق العمل على مابذلوه من جهد كبير على مدار شهور طويلة لاخراج هذه الوثيقة المهمة جداً، لافتاً في هذا الصدد إلى اعتزازه لكونه كان أحد الخبراء الذين شاركوا في إعداد هذا التقرير لعدة اصدارات في الماضي، حيث يشهد شخصياً على الحيادية التامة والأسلوب العلمي الذي طالما كان يتم به اعداد هذا التقرير، الأمر الذي يجعل من هذا التقرير على مستوى كل دول العالم وثيقة مرجعية يستند إليها دوماً في إعداد الأبحاث والدراسات ووضع السياسات وعملية اتخاذ القرار في العديد من الدول.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن عودة هذا التقرير بعد توقف دام 10 سنوات يعد مؤشراً مهماً جداً يؤكد أن الدولة المصرية استطاعت أن تتجاوز العديد من التحديات، وأصبحت اليوم في وضع ممتاز يجعلها أكثر انفتاحاً على المؤسسات الدولية، وأكثر حرصاً على إتاحة كافة البيانات واتباع منهج الشفافية في كل ما يتم من اجراءات، وهو أحد العناصر التي ينادي بها الرئيس ونحن نشهد انطلاق الجمهورية الجديدة في مصر.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن مصر واجهت خلال السنوات العشر الماضية ثورتين، فرضتا العديد من التحديات الأمنية والسياسية، وتداعيات كبيرة جداً على الاقتصاد المصري، هذا إلى جانب المشاكل الهيكلية التي كان يعاني منها الاقتصاد الوطني على مدار عقود طويلة، مؤكداً أن مصر تبنت بإرادة سياسية، وبقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، برنامجاً للاصلاح الاقتصادي كان هدفه في الاساس اصلاح هذه الاختلالات الكبيرة جداً، والسعي نحو اتاحة فرص العمل الجديدة للشباب، وتحسين مستوى معيشة الفرد، فضلاً عن الارتقاء بالخدمات المقدمة اليه، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في اطار رؤية مصر 2030، واهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وأيضاً العمل على جذب مزيد من الاستثمارات الوطنية والاقليمية والدولية، لتدعيم الاقتصاد المصري.
وأكد رئيس الوزراء أن برنامج الإصلاح الإقتصادي كما شهد العالم، قد حقق أرقاماً إيجابية وإنجازات كبيرة، حيث عكست الأرقام قبل ظهور جائحة كورونا نجاح الدولة المصرية خلال فترة زمنية قصيرة جداً في تحسين نسب البطالة، ومعدلات التضخم، وزيادة الناتج المحلي الاجمالي، وارتفاع قيمة الاحتياطات الدولية، وخفض عجز الموازنة، لافتأً إلى أن ما حدث شكل ملحمة كبيرة شهدتها مصر وأشاد بها العالم وكل المؤسسات الدولية.
وأشار رئيس الوزراء إلى حرص الدولة على تبنى مجموعة من البرامج والمبادرات الاجتماعية، التى تم إطلاقها بالتوازى مع تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، وهو ما جاء نتيجة لوعي الدولة بتأثير هذا البرنامج على بعض فئات المجتمع المصرى، موضحاً أن من بين هذه المبادرات، المبادرات الخاصة بالدعم النقدى المباشر، كمبادرة “تكافل وكرامة”، والتى بدأت بـ 6 ملايين مواطن، ووصلت الآن لتغطية أكثر من 14.5 مليون مواطن مستفيد من هذه المبادرة يمثلون 3.8 مليون أسرة مصرية، مضيفاً أن الدولة نفذت أيضاً العديد من برامج الحماية الاجتماعية والصحية المتنوعة فى إطار التعامل مع تداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادى.
وأوضح رئيس الوزراء أن ما تم تنفيذه من برنامج للإصلاح الاقتصادى، وما صاحبه من إطلاق العديد من المبادرات الاجتماعية، ساهم فى تحقيق صمود الاقتصاد المصرى فى التعامل مع ما شهدناه مؤخراً من حدوث أزمة فيروس كورونا، لافتا إلى أن مصر تُعد من بين الدول القليلة على مستوى العالم التى نجحت فى الحفاظ على معدل نمو إيجابى، حيث حققت فى آخر عام مالى منتهٍ في 30/6/2021، نسبة نمو وصلت إلى 3.3% ، بإجمالى ناتج محلى تجاوز الـ 408 مليارات دولار.
وأشار رئيس الوزراء خلال كلمته إلى مقولة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية: إن ما تحقق من مؤشرات ايجابية فى المجال الاقتصادي حتى هذه اللحظة هو خطوة من خطوات كثيرة وطويلة الدولة المصرية فى احتياج إليها لاستمرار عجلة التقدم، والتنمية، والارتقاء.
وأضاف رئيس الوزراء أنه فى ظل ما نواجهه من تحديات تتعلق بفيروس كورونا العالمى، فقد أعلنت الدولة المصرية عن الجزء الثانى من برنامج الإصلاح الاقتصادى، وهو ما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية، التى تستهدف حل المشكلات المعقدة، التى تمثل عائقاً لبعض القطاعات المهمة فى الاقتصاد المصرى، وذلك دفعا لهذه القطاعات نحو الانطلاق، وزيادة فعاليتها، وقدرتها على خدمة الاقتصاد، لافتاً إلى أن من بين هذه القطاعات، قطاع الصناعات التحويلية كثيفة التكنولوجيا، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مؤكداً أنه تم اختيار هذه القطاعات بدقة، نظراً لما تحققه من معدلات نمو مرتفعة، وكذا ما توفره من فرص عمل جديدة للشباب، تسهم فى ثبات ونمو مثل هذه القطاعات.
وأكد مدبولي أن الاقتصاد المصرى بالرغم من حدوث جائحة كورونا، إلا أنه استمر فى تحقيق معدلات نمو ايجابى، ولو كانت هذه المعدلات أقل مما كانت عليه قبل حدوث الجائحة، منوهاً إلى أننا نستهدف إعتباراً من العام المالى الحالى العودة وبقوة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة، بحيث من المخطط الوصول إلى 7% خلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة.
ونوه رئيس الوزراء إلى أن جوهر برنامج الاصلاح الاقتصادى، يتضمن العمل على بناء الانسان المصرى، وخاصة ما يتعلق بقطاعات الصحة والتعليم والسكن اللائق، ومختلف القطاعات الأخرى التى تسهم فى بناء الانسان المصرى، لافتا إلى أن الاستثمارات العامة فى قطاع التعليم تضاعفت من 4.9 مليار جنيه فى عام 2013 إلى 56 مليار جنيه فى العام المالى الحالى، حيث ضاعفنا في سبع سنوات مخصصات التعليم 10 مرات.
وحول الجهود المبذولة للنهوض بمستوى التعليم في مصر، أشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة أنفقت على مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، خلال العام المالي الماضي، أكثر من 50 مليار جنيه، تم توجيهها لإقامة العديد من المنشآت، وتطوير المنظومة التعليمية.
وأضاف: الأمر كذلك في قطاع التعليم العالي، حيث تقوم الدولة بتنفيذ مجموعة كبيرة من المشروعات، بواقع 550 مشروعا، بعضها تم الانتهاء منه، والبعض الآخر سيتم الانتهاء منه خلال الفترة المقبلة، موضحا أن إجمالي الاستثمارات المخصصة لمشروعات قطاع التعليم العالي يبلغ 140 مليار جنيه، حيث يتم مضاعفة عدد الجامعات الحكومية، والتوسع في الجامعات الأهلية والتكنولوجية، فضلا عن الاهتمام بتطوير منظومة التعليم الفني.
وبعد ذلك تطرق الدكتور مصطفى مدبولي خلال كلمته إلى ما يشهده قطاع الصحة من زخم كبير تمثل في إطلاق أكثر من 20 مبادرة تستهدف تحسين صحة المواطن المصري بكل فئاته، ومنها مبادرات: 100 مليون صحة، والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي، والقضاء على فيروس سي، والمبادرة الرئاسية لدعم صحة المرأة المصرية، لافتا في هذا الصدد أيضا إلى التأمين الصحي الشامل الذي يأتي على رأس المشروعات والمبادرات التي تتبناها الدولة المصرية في مجال الصحة، قائلا: نحن نتحدى الوقت لنغطي جميع أنحاء الجمهورية ببرنامج التأمين الصحي الشامل في أسرع فترة زمنية ممكنة.
وفي سياق متصل، أوضح رئيس الوزراء أن الاستثمارات العامة في قطاع الصحة تضاعفت بنحو 19 ضعفا، لتصل إلى 54 مليار جنيه في عام 2021، بينما كانت تسجل 2.7 مليار جنيه في عام 2013.
وانتقل الدكتور مصطفى مدبولي بعد ذلك إلى الحديث عن برنامج إقامة السكن اللائق للمواطنين، ووصفه بأنه “أحد أهم مقومات الحياة الكريمة للمواطن المصري”، وهو ما دفع الدولة المصرية لأن تخطو خطوات غير مسبوقة في هذا المسار، وذلك في جميع المحافظات؛ بما في ذلك الريف والمدن.
وأضاف في هذا السياق: من واقع خبرتي الشخصية السابقة دوليا، فإنني أعي تماما أن برنامج تطوير الأماكن غير الآمنة، وأقولها بمنتهى الحيادية، لا اعتقد أن هناك دولة في العالم يمكن أن تنهي هذه الإشكالية الكبيرة للغاية في هذه الفترة الزمنية وتوفر السكن اللائق والكريم لأكثر من مليون أسرة كانت تسكن في هذه المناطق، كما أن مبادرة “حياة كريمة” نستهدف من خلالها تحسين جودة الحياة لـ 58 مليون مواطن مصري.
وتابع رئيس الوزراء أن مشروع الإسكان الاجتماعي وتحسين وإتاحة السكن اللائق لكل فئات الشعب المصري، هي من البرامج التي وصل فيها معدل الانفاق إلى 430 مليار جنيه.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الدولة نفذت وتقوم بتنفيذ العديد من المشروعات في مجالات: النقل، والكهرباء والطاقة، الغاز، والمشروعات الرياضية والخدمية، فضلا عن المجالات الاخرى وبفضل ذلك شهد العالم أجمع لمصر أنه بالرغم من قسوة جائحة “كورونا” عالميا، استطاعت أن تصمد وأن تستمر في عملية التنمية والتقدم، وهو ما جعلها تتقدم في مؤشر التنافسية الدولية 26 مركزاً، و48 مركزاً في مؤشر البنية التحتية على مستوى العالم فقط خلال السنوات الخمس أو الست الماضية.
وأضاف: مع كل التحديات الكبيرة التي تواجهنا، والطريق الطويل الذي نمضي فيه، فإن الدولة المصرية لديها الخطة المتكاملة للسنوات القادمة حتى 2030، ونحن نستهدف العودة مرة أخرى لمعدلات النمو العالية، والربع الأخير من العام المالي الماضي إبريل –يونيو 2021، شهد عودة نمو الاقتصاد المصري بنسبة 7.7%.
وتابع: هذا ما يجعلنا مطمئنين أن العام الجاري، والأعوام المقبلة سنستمر بهذه المعدلات مع العمل بكل قوة على مجابهة التحديات الرئيسية وعلى رأسها قضية التنمية البشرية والنمو السكاني المتزايد، الذي يحتاج منا أن نعي كمواطنين أن تخفيض معدل النمو السكاني لفترة على الأقل من 10 – 15 سنة، سيجعل مصر في مكانة أخرى على الإطلاق إلى جانب أعمال التنمية التي نقوم بها اليوم في كافة المسارات.
وقال رئيس الوزراء إن الدولة المصرية اليوم تتبنى مسألة التعافي الأخضر وإدماج البعد البيئي في مشروعات التنمية فضلا عن تبني التحول الرقمي، والميكنة الخاصة بكافة الخدمات التى تقدمها الدولة، من منطلق ايمان الحكومة أن هذا هو المستقبل الذى نطمح به لكافة المواطنين، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس فى هذا الصدد، وبالتعاون مع شركائنا فى العديد من المنظمات المختلفة المعنية.
وأشار رئيس الوزراء إلى توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، للحكومة بأهمية وضع تقرير التنمية البشرية تحت أعينها، ودراسة كافة التوصيات الصادرة عن التقرير، والعمل على سرعة تفعيلها خلال الفترة القادمة، مختتما كلمته بأن مصر تستمر فى الإنطلاق برؤية قيادتها وإرادة شعبها.