ركبت ذات مرة على متن يخت ضخم، وهو سفينة الرحلات المفضلة شخصيا لدى المليارديرات. كان اليخت الذي امتد لاحقا ليشمل مسبحا ذا أرضية زجاجية و15 كابينة، مملوكا لرون بيريلمان، أحد أكبر تجار مستحضرات التجميل، على الرغم من أنه لم يدعني للانضمام إليه – كان اليخت مكانا لإقامة حفل معرض تجاري في مدينة كان.
عرض بيريلمان اليخت للبيع بمبلغ 90 مليون يورو قبل عامين، إلى جانب مجموعة متنوعة من ممتلكاته وأعماله الفنية. قال، “لفترة طويلة جدا، كنت متمسكا بأشياء كثيرة جدا لا أستخدمها، أو حتى أريدها (…) حان الوقت بالنسبة لي لتنظيف المنزل، وتبسيطه وإعطاء الفرصة للآخرين”.
إنه يبحر عكس التيار. ذكرت “فاينانشيال تايمز” هذا الأسبوع أن بنك كريدي سويس أقرض أكثر من مليار دولار لعملاء فاحشي الثراء لشراء يخوت خاصة بهم “ما أطلقت عليه اسم الألعاب الفاخرة، للتسويق للمستثمرين”. يعكف صانع قوارب خاص في هولندا على صنع يخت طوله 127 مترا بثلاثة صواري لجيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون، وهو طويل جدا لدرجة أنه من الممكن أن يتطلب الأمر تفكيك جزء من جسر في مدينة روتردام كي يتسنى لليخت مواصله طريقه إلى عرض البحر.
أثرت الجائحة لفترة وجيزة في صناعة اليخوت الضخمة لكنها انتعشت مرة أخرى بسرعة كبيرة – هناك نحو ألف يخت قيد الطلب أو يتم بناؤها هذا العام، وفقا لنشرة القطاع “بوت إنترناشونال”. تقول سيبل نابوليتانو، مالكة شركة “بيريتاس إنترناشونال”، وكالة تأجير اليخوت، مقرها لندن، “العامان الماضيان كانا جنونيان. أصبح العثور على القوارب أصعب من العثور على العملاء”.
أتساءل أحيانا. مبلغ مكون من ثمانية أو تسعة أرقام هو مبلغ كبير لدفعه مقابل فندق عائم فاخر لكنه ذو أثاث ممل في الأغلب، ويتطلب صيانة باهظة. عند التأمل من أحد شواطئ البحر الأبيض المتوسط خلال الصيف إلى جميع اليخوت الضخمة الراسية في الخارج، فإنها تبدو طريقة معقدة للاسترخاء.
ثم خذ في الحسبان رد الفعل المحلي الغاضب على الأخبار بأن مدينة روتردام قد توافق على طلب إزالة جزء من جسر كونينجهافن مؤقتا، على نفقة بيزوس. شكلت مجموعة على منصة فيسبوك تنظيما لاحتجاج عند الجسر وقذف البيض على قاربه الذي يبلغ ثمنه 500 مليون دولار أثناء مروره.
عندما نشر ديفيد جيفين، وهو ملياردير يعمل في قطاع الترفيه، بطمأنة عبر منصة إنستجرام في(مارس) 2020 أنه كان “يعزل نفسه في جزر جرينادين لتجنب الفيروس” على يخته الضخم المسمى رايزنج صن، أثار حنق الجماهير وتعين عليه الصمت. بدا الأمر أشبه بالتباهي بأنه أبحر بعيدا جدا عن متاعب الآخرين.
هذه هي الجاذبية المتناقضة لليخوت الضخمة، كلما كان التفاخر بالثروة أقل شعبية، كلما كان القارب أكثر جاذبية. إذا كنت ترغب في السفر بعيدا عن رماة البيض، ومصوري الفضائح حتى الناظرين، فإنها توفر مجالا في المحيطات. يمكن لشخص ثري وضع حراسه الشخصيين وطائرة هليكوبتر على سفينة إسناد ترسو في مكان قريب.
خلصت دراسة بحثية عن السياح الأثرياء في سانت تروبيز إلى أن “النخب يعيدون تشكيل بيئتهم من خلال القوة المادية والرمزية التي يمارسونها على المكان”. وتوفر النوادي الشاطئية المكلفة طريقة للمشاركة في “التفاخر الأرستقراطي” دون التعرض للفضوليين، لكن اليخت الضخم هو الوسيلة النهائية للتحكم في مدى ظهورك.
توفر معظم اليخوت الضخمة الآن “ألعابا ومراكب”. الألعاب هي دبابات بحرية وسكوتر بحري يمكن للضيوف أن يتجولوا عليها بصخب مدو، وأن يحظوا بمتعة التفاخر. والأخيرة عبارة عن زوارق وسيارات أجرة مائية ليقوموا برحلات إلى مطاعم ونواد بواجهات بحرية فاخرة قبل الفرار إلى البحر مرة أخرى.
تقول نابوليتانو إن أقلية فقط من عملائها المستأجرين، الذين يدفعون عادة أجرة 250 ألف يورو في الأسبوع، هم “أشخاص يحبون الاحتفال” ويرسون في سانت تروبيز أو ميكونوس أو إيبيزا. البقية هم عائلات تريد أن تكون بعيدة عن الأنظار دون انتهاك لخصوصيتها قدر الإمكان، وفي الأغلب ما يستقل أفرادها طائرة هليكوبتر إلى أحد اليخوت ثم يبحرون حول الخلجان في جزر إيولايان أو جزر البليار.
لكن حتى الملياردير يحب أن تتم رؤيته أحيانا ولا يزال حساب جيفين على منصة إنستجرام يظهر عطلاته السابقة على اليخوت الضخمة. ها هو خارج مايوركا مع كيتي بيري وأورلاندو بلوم، “يحظى بوقت رائع في جزر البليار” مع بيزوس ولويد بلانكفين، الرئيس السابق لبنك جولدمان ساكس، ويتناول “وجبة غداء رائعة” في مطعم على ساحل أمالفي مع بول مكارتني.
إذا نظرت بعناية لن ترى فقط رجلا ثريا يستعرض ممتلكاته بل شخصا يستمتع بشكل واضح. الأمر لا يتعلق فقط بالمناظر والبحر، لكن بمتعة استضافة الآخرين، وإن كانوا من حلقة النخبة. خاض جيفين معركة قانونية طويلة للحد من الوصول إلى الشاطئ العام أمام منزله في ماليبو، لكن ليس لديه أي مشكلة في التحكم بمن يصعد إلى يخته الضخم.