الدعوة إلى:
تعزيز الوعي بمفهوم المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية وبمتطلبات التمويل المسؤول
تبني إجراءات تشجع إدراج المسؤولية المجتمعية والبيئية في سياسات المؤسسات المالية والمصرفية
تطوير آليات وأدوات قياس الأداء المجتمعي للمؤسسات المالية والمصرفية
بناء ثقة المستهلك في المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية
إطلاق برامج للمسؤولية المجتمعية لدى المؤسسات المالية والمصرفية وعكسها في التقارير الدورية
حث المؤسسات المالية والمصرفية على تطوير خدمات ومنتجات تعزز المسؤولية المجتمعية
استهداف الفئات غير المشمولة مالياً من خلال تطبيق سياسات ائتمانية مناسبة
يحظى موضوع تعزيز الوصول إلى التمويل والخدمات المالية في الدول العربية باهتمام كبير من قبل مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إدراكاً منه للفرص الكامنة والكبيرة التي يمكن تحقيقها من خلال تعزيز الشمول المالي لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة ومواجهة تحديات البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية. لا شك في أن التداعيات والتحديات على القطاع المالي والمصرفي في هذه المرحلة لدعم التعافي، تُبرز بوضوح الحاجة الملحة لتعزيز التمويل المسؤول والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية لخدمة التنمية المستدامة. يحظى في هذا السياق، تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة الصادرة عن الأمم المتحدة، باهتمام متزايد من المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية. تدرك المصارف المركزية العربية، الأهمية الكبيرة لتعزيز المسؤولية المجتمعية والبيئية، حيث تسعى إلى تطوير الأطر التي تساعد على اعتماد وتطبيق هذه المعايير من قبل المؤسسات المالية والمصرفية لديها. كما يكثف صندوق النقد العربي جهوده في إصدار العديد من الدراسات والتقارير والأدلة الإرشادية، للمساهمة في تناول المواضيع ذات الأولوية خاصة على صعيد تعزيز التمويل المسؤول والمسؤولية المجتمعية في الدول العربية.
إدراكاً لذلك، رأى مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إحياء اليوم العربي للشمول المالي، الذي ينعقد يوم 27 أبريل (نيسان) من كل عام، تحت شعار “أهمية المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية في تعزيز الشمول المالي” لفعاليات عام 2022. في هذا السياق، يتم التأكيد على أهمية تبني استراتيجية للمسؤولية المجتمعية تهدف إلى مزيد من التطوير والتمكين لأفراد المجتمع في المنطقة العربية، ودعم القطاع المالي والمصرفي لتعزيز أثر المسؤولية المجتمعية على الشمول المالي، إضافةً إلى تبني الأدوات والآليات المناسبة للتحقق من إدراج المسؤولية المجتمعية والبيئية في استراتيجيات وسياسات المؤسسات المالية والتحقق من تقدم المؤشرات في هذا الشأن وإبرازها في التقارير الدورية التي تعدها هذه المؤسسات. تحرص المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، على دعم جهود المجتمع الدولي في تعزيز التمويل المستدام والشمول المالي. يأتي في المقدمة، دعم تطبيق أهداف التنمية المستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة وصلتها الوثيقة بمواضيع المسؤولية المجتمعية والبيئية، ودعم جهود مجموعة العشرين (G20) التي تبنت محور الشمول المالي كأحد المحاور الرئيسة لدعم أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار المالي، حيث تولي مجموعة العشرين اهتماماً خاصاً لدعم وصول الشباب والمرأة والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى الخدمات المالية، إلى جانب الاهتمام بالتوعية والتثقيف المالي المجتمعي اللذان يعززان من فرص نجاح الجهود والسياسات في هذا الشأن.
في إطار الأهمية المتزايدة التي باتت تكتسبها قضايا تعزيز المسؤولية المجتمعية والبيئية في الخدمات المالية، يُثمن المجلس ما تتضمنه المبادرة الإقليمية للشمول المالي في المنطقة العربية من أنشطة تركز على المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية في تعزيز الشمول المالي خلال عام 2022، وما توليه المؤسسات الشريكة في المبادرة من اهتمام لتعزيز الوعي بمفهوم المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية وتطبيق متطلبات التمويل المسؤول، وبناء ثقة المستهلك في المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية. في هذا الإطار، وجب الإشادة بالخطوات والإجراءات المتخذة من قبل السلطات النقدية والمالية في الدول العربية في سبيل النهوض بالمسؤولية المجتمعية والبيئية للمؤسسات المالية والمصرفية من أجل تعزيز الانتقال نحو تمويل مسؤول ومستدام قائم على الأخذ في الاعتبار المخاطر البيئية الناجمة عن التغيرات المناخية عند صياغة الأهداف المالية والنقدية.
في سياق متصل، يُمكن للدول العربية أن تعمل على تطوير وتكامل خطط العمل القُطرية التي تساهم في تعزيز المسؤولية المجتمعية والبيئية للمؤسسات المالية والمصرفية ودعم التنمية الاقتصادية لتحقيق النمو الشامل والمستدام. الترحيب في هذا الصدد، بتبني عدد من المصارف المركزية في الدول العربية للمبادئ التي صدرت عن صندوق النقد العربي حول “كيفية تعامل المصارف المركزية مع تداعيات الكوارث الطبيعية وتغيرات المناخ على النظام المصرفي والاستقرار المالي”.
تجدر الإشارة إلى اهتمام فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية بالقضايا المتعلقة بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية وأهميتها في تعزيز الشمول المالي، ودوره في تطوير السياسات والإجراءات المتعلقة بتعزيز الشمول المالي ودراسة سبل الارتقاء بمؤشراته، والعمل على مساعدة الدول العربية على تطبيق المعايير والمبادئ الدولية، وتعزيز التعاون بين مختلف المؤسسات والجهات الوطنية المعنية بقضايا الشمول المالي وبينها وبين المؤسسات الدولية ذات العلاقة. لا شك أن هناك حاجة لمواصلة العمل على تحسين مؤشرات الشمول المالي، حيث إن الإحصاءات الأخيرة للبنك الدولي تعكس الجهود التي بذلتها الدول العربية في تعزيز الوصول للخدمات المالية، إذ تشير إلى أن نسبة السكان الذكور البالغين في الدول العربية الذين تتوفر لهم فرص الوصول للخدمات المالية والتمويلية الرسمية، قد ارتفعت في المتوسط إلى 48 في المائة، و26 في المائة بالنسبة للنساء، و28 في المائة على صعيد الفئات محدودة الدخل. على الرغم من أن هذه الأرقام تخفي تفاوتاً في هذا الشأن بين الجنسين وبين الدول العربية، إلا أنها لا تزال تبرز الفرص الكبيرة الكامنة، خاصة للمؤسسات المالية والمصرفية، التي يمكن استغلالها لدعم الوصول للخدمات المالية في المجتمعات العربية من خلال تعزيز المسؤولية المجتمعية لهذه المؤسسات واستهداف الفئات غير المشمولة مالياً من خلال تطبيق سياسات ائتمانية مناسبة. في هذا السياق، وجب التنويه بجهود الدول العربية التي قامت بتطبيق النموذج الشامل للمسوحات الإحصائية في مجال الشمول المالي، والتأكيد على أهمية متابعة تطبيقه في بقية الدول، بما يساعد على الارتقاء بجودة مؤشرات الشمول المالي وفقاً لأوضاع كل دولة.
تبرز أهمية التمويل المسؤول في توسيع قاعدة التمويل وتمكين كافة فئات المجتمع، خاصة الشباب والمرأة ورواد الأعمال وقطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، الذي يشكل ما بين 90 و99 في المائة من إجمالي عدد المؤسسات العاملة في القطاع الرسمي ويساهم بنحو 45 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر نحو ثلث اليد العاملة في القطاع الرسمي في المنطقة العربية، من الوصول إلى التمويل بالطرق المناسبة لهم وبما يتناسب مع احتياجاتهم وإمكانياتهم، الأمر الذي يؤدي بالنهاية إلى تحسين الظروف المعيشية، بالتالي المساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام. تتطلع المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إلى مواصلة تحسين مؤشرات التمويل لدى كافة فئات المجتمع، حيث إن المسوحات الميدانية تشير إلى أن نسبة الاقتراض للأفراد البالغين من المؤسسات المالية الرسمية في المنطقة العربية قد بلغت 5 في المائة، في حين بلغ معدل الإقراض 9 في المائة لدى الدول النامية، و11 في المائة على الصعيد العالمي. في هذا السياق، ووفقاً لهذه المؤشرات، تبرز أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز الاقتراض من المؤسسات المالية والمصرفية الرسمية الخاضعة للرقابة بهدف الحد من التمويل من الجهات غير الرسمية. في هذا الإطار، وجب التنويه بإمكانية مساهمة وزارات التربية والتعليم والثقافة والتعليم العالي والاتصالات والإعلام في الدول العربية في تعزيز الجهود المتمثلة في نشر وتعميق ثقافة وصول الأفراد ورواد الأعمال إلى مصادر التمويل التي تُقدم من المؤسسات المالية الرسمية، بالتالي تجنيبهم مخاطر التمويل من الجهات غير الرسمية.
في إطار الجهود التي قامت بها المصارف المركزية والبنوك التجارية والمؤسسات المالية الرسمية العربية في السنوات الماضية، لإحياء اليوم العربي للشمول المالي والتنظيم المتميز للأنشطة والفعاليات في هذا اليوم، بما ساهم في نشر الوعي والتثقيف المالي بين كافة أفراد المجتمع، من الأهمية تعزيز إحياء فعاليات اليوم العربي للشمول المالي وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية فيه، ذلك بتنفيذ الفعاليات والأنشطة التي تعمل على تعزيز المعرفة بالمعايير المجتمعية والبيئية وقضايا التمويل المستدام والأخضر. كما تتطلع المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إلى مشاركة السلطات الإشرافية الأخرى، وفي مقدمتها وزارات المالية وهيئات أسواق المال وهيئات الإشراف على التأمين وجمعيات البنوك، وجميع المؤسسات المالية والمصرفية والاستثمارية في إحياء فعاليات اليوم العربي للشمول المالي لعام 2022.
في هذه المناسبة، أكد معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي على أهمية ودور الشمول المالي في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تؤثر على النمو الاقتصادي، ذلك من خلال حشد الموارد لزيادة معدلات الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة، مشيداً بالاهتمام المتزايد الذي باتت تحظى به القضايا المتعلقة بتعزيز الشمول المالي من قبل صانعي السياسات في الدول العربية، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على مواجهة تحديات الفقر والبطالة وإرساء العدالة الاجتماعية. كما نوه معاليه بجهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، في الحرص على مواصلة إيلاء قضايا تحسين الشمول المالي والوصول إلى الخدمات المالية ذات الجودة بتكاليف مقبولة، ومنحها الأهمية والأولوية المناسبتين في إطار السياسات الاقتصادية المتخذة، وتعزيز الوعي بمفهوم المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية، وتطبيق متطلبات التمويل المسؤول، والاستفادة من التقنيات المالية الحديثة في تقديم الخدمات المالية، وتطوير التشريعات والأنظمة والأطر الرقابية التي تساعد على تحسين انتشار الخدمات المالية والمصرفية وتشجيع الابتكار في هذا المجال، إضافةً إلى متابعة مساعي الارتقاء بأنظمة البنية التحتية السليمة للنظام المالي والمصرفي وتشجيع تطور وتوسع الخدمات المالية غير المصرفية، إلى جانب تطوير السياسات والبرامج التي تعزز الشفافية في المعاملات المالية والمصرفية، وحث المؤسسات المالية والمصرفية على تطوير خدمات ومنتجات تعزز المسؤولية المجتمعية والبيئية. أخيراً، شكر معاليه المصارف المركزية والمؤسسات المالية والمصرفية واتحادات وجمعيات البنوك في الدول العربية، على جهودهم في إطلاق أنشطة بمناسبة اليوم العربي للشمول المالي، وما تمثله من أهمية في تحقيق الغرض المرجو من هذه المناسبة.