الرئيس التنفيذي
أشرف الحادي

رئيس التحرير
فاطمة مهران

لماذا تبقى العلاقات العامة مجالًا إنسانيًا رغم قوة الذكاء الاصطناعي؟

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا جوهريًا في مختلف المجالات مع دخول تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) واعتماد التقنيات الحديثة في معظم الأعمال، ولم يكن مجال العلاقات العامة بعيدًا عن هذه التحولات، إذ تطورت أساليب العمل ووسائل التواصل، وأصبح الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة في تحليل الجمهور، وصياغة الرسائل، وقياس نتائج الحملات.

ورغم ذلك، تظل العلاقات العامة بحاجة إلى الحضور الإنساني في إدارة المواقف والتفاعلات، فهي ليست مجرد أدوات تقنية أو برامج تشغيلية، بل استراتيجية اتصال متكاملة داخل المؤسسات، وعلم يقوم على الفهم العميق للجمهور، وصياغة الرسائل بعناية، وتقييم نتائجها بدقة. كما أنها فن يتطلب حسًا لغويًا وبصيرة لفهم ما وراء الكلمات ورؤية ما تعجز البيانات وحدها عن كشفه.

وهنا تبرز أهمية التوازن: فالذكاء الاصطناعي يقدّم الدعم، لكن الإنسان يظل المحرك الأساسي للعلاقات العامة، لأنه يمتلك الحس الإنساني والخبرة التي لا يمكن للآلات أن تحاكيها.

السياقات الاجتماعية والثقافية

قد يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحليل النصوص واستخراج المشاعر الظاهرة، لكنه يعجز عن فهم الأسباب العميقة وراءها أو إدراك السياقات الاجتماعية والثقافية المحيطة بها، فعلى سبيل المثال، قد يكشف أن منشورًا ما يحمل طابعًا غاضبًا، لكنه لا يدرك الخلفيات الدينية أو الرموز الوطنية أو التاريخ السياسي الذي يساعد على تفسير هذا الغضب.

في المقابل، يمتلك متخصصو العلاقات العامة القدرة على قراءة السياق الاجتماعي والثقافي وفهم ما بين السطور،  مما يمنحه ميزة في توجيه الحملات وإدارة الرسائل بذكاء.

الأزمات والصوت الإنساني

في أوقات الأزمات، يبحث الجمهور عن صوت صوت يشعر به ويعبر عن مخاوفه بصدق، صحيح أن الذكاء الاصطناعي قادر على صياغة بيان سريع ودقيق، لكنه يفتقر إلى المشاعر والدفء الإنساني المطلوب في مثل هذه المواقف، فالعلاقات العامة لا تقوم فقط على الصياغة اللغوية، بل على القدرة على بث الطمأنينة والتضامن بلغة تختلف عن لغة الحملات الترويجية.

ولأن الأزمات قد تبدأ بتغريدة عابرة وتتصاعد خلال دقائق، فإن القرار هنا يتطلب خبرة وحدسًا إنسانيًا، حيث يظهر دور المتخصص في العلاقات العامة كمستشار استراتيجي يحدد الأضرار، ويقترح الرسائل والردود المناسبة، ويختار التوقيت والمنصة الأمثل للتواصل.

التوقيت المناسب والنبرة

تستطيع خوارزميات الذكاء الاصطناعي اقتراح الأوقات المثلى للنشر بناءً على معدلات التفاعل، لكنها لا تستطيع إدراك البُعد الأخلاقي أو الاجتماعي للتوقيت، فأحيانًا قد يكون التوقيت غير مناسب بسبب حدث أو ظرف اجتماعي، أو قد تكون النبرة غير ملائمة للجمهور، فالتوقيت الخاطئ أو النبرة غير الملائمة قد يحوّلان حملة ناجحة إلى أزمة.

لذلك، يظل المتخصص يسأل نفسه قبل النشر: هل هذا هو الوقت المناسب فعلًا؟ وهل الرسالة تعكس قيم المؤسسة وموقفها الأخلاقي؟.

التفاعل الإنساني والثقة المتبادلة

العلاقة بين المؤسسة والجمهور تشبه علاقة الصداقة القائمة على الثقة والصدق والاستمرارية، فعلى الرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي على الاستجابة السريعة للشكاوى أو إرسال الرسائل الآلية، فإنه يفتقر إلى العفوية والمشاعر التي تجعل الشخص يشعر فعلًا بأنه مسموع ومقدَّر.

ومن دون هذا البعد الإنساني تصبح العلاقة سطحية وباردة، بينما يبقى التواصل البشري الأساس لبناء ولاء حقيقي لدى الجمهور.

قصص وتجارب إنسانية

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكتب إعلانًا أو يلخص مقالًا بدقة، لكنه لا يملك القدرة على نقل روح التجارب الإنسانية في القصص، فهو لا يعرف شعور قلق العميل، أو حماس الجمهور، أو ألم المجتمع في الأزمات، ولهذا يظل النص المكتوب بيد إنسان يعي التجربة، أصدق وأكثر تأثيرًا من أي محتوى تنتجه الخوارزميات.

الحدس المهني واستباق الاتجاهات

تحليل البيانات يساعد في رسم صورة دقيقة للواقع، لكنه لا يكشف دائمًا عن التغيرات الخفية في مزاج الجمهور، هنا يظهر دور الحدس المهني لدى متخصصي العلاقات العامة، المبني على الخبرة والممارسة اليومية، والذي يمكّنهم من استشعار المخاطر والفرص قبل أن ترصدها الخوارزميات، فالحدس لا يلغي دور البيانات، بل يكملها ويمنحها عمقًا أكبر.

السمعة المؤسسية: كيان حيّ لا يُبرمج

السمعة المؤسسية هي صورة ذهنية تراكمية تتشكل عبر سلوك الشركة ورسائلها وتفاعلاتها مع جمهورها، وقد تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي في رصد التفاعل والاتجاهات، لكنها لا تستطيع إعادة بناء الثقة بعد الأزمات، ولا التعامل مع السمعة باعتبارها كيانًا حيًا يحتاج إلى رعاية إنسانية دقيقة ومستدامة.

التباين الثقافي والمسؤولية الأخلاقية

قد يُنظر إلى مزحة ما على أنها بريئة في ثقافة معينة، لكنها تُعد إساءة في ثقافة أخرى، وهنا يبرز دور المتخصصين في ضبط الرسائل بما يتلاءم مع خصوصية كل جمهور، فالذكاء الاصطناعي لا يمتلك مؤشر أخلاقي ولا يستطيع تمييز ما إذا كان المحتوى يروج لقيم مرفوضة أو يسيء إلى فئة معينة، بينما يتولى الإنسان مسؤولية تمثيل قيم المؤسسة بصدق، وحماية صورتها من الانزلاقات الأخلاقية.

تجربة واقعية: الذكاء الاصطناعي في محاكاة الأزمات

في إحدى الحملات الإقليمية لعلامة تجارية سعودية، أجرت W7worldwide للاستشارات الإعلامية والاستراتيجية، تمرينًا لمحاكاة أزمة باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، وقد نتج عنه تحديد 12 سيناريو أزمة محتملة، تراوحت بين تأخيرات في التوريد وردود فعل سلبية على وسائل التواصل الاجتماعي.

هذه المحاكاة أسهمت في تقليص زمن الاستجابة إلى النصف، ومكّنت الفريق من إعداد نقاط نقاش استباقية للتعامل مع أي أزمة محتملة، والنتيجة كانت تعزيز ثقة العميل بشكل كبير، مع التأكيد أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن البصيرة البشرية، بل أداة داعمة تعززها وتزيد من فعاليتها.

ختامًا: ستظل العلاقات العامة مجالًا إنسانيًا من الدرجة الأولى، يقوم على الحس والبصيرة والقدرة على بناء جسور من الثقة والاحترام المتبادل، أما الذكاء الاصطناعي فهو أداة قوية تدعم هذا المجال وتزيد من كفاءته، لكنه لا يمكن أن يحل محل جوهره الإنساني.  فالتوازن بين التقنية والمهارة الإنسانية هو الطريق الأمثل لمستقبل أكثر تأثيرًا واستدامة في العلاقات العامة.

أخبار ذات صلة

جيتكس: بالو ألتو نتوركس تعرض حلولاً لمواجهة مخاطر الأمن السيبراني المرتبطة بالذكاء الاصطناعي

سامرج تشارك في مؤتمر Money 20/20 الشرق الأوسط وتطرح رؤىً قيمة حول الذكاء الاصطناعي

OPPO تطلق هاتفها الجديد OPPO A6 Pro وتفتح آفاقًا جديدة للابتكار في فئة الهواتف المتوسطة

إيتورو تطلق حملة إعلانية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في الإمارات

هواتف “داريا بوند 2 ” و “داريا بوند 2 لايت” تتصدر سوق الهواتف الذكية في المنطقة

فيرتف” تستعرض حلولها المتقدمة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في جيتكس جلوبال 2025

شركة انجو مصر تفوز بجائزة الأمم المتحدة عن تكنولوجيا القوى العاملة المدعومة بالذكاء الاصطناعي

هواوي تطلق النسخة السنوية من مسابقة كلاود للمطورين 2025 في مصر وشمال إفريقيا

آخر الأخبار
٤ مليون و٩٨٩ ألف جنيه حصيلة البيع بجلسة مزاد لسيارات وبضائع جمارك مطار القاهرة وتفتيش الركاب ومخزن ٦... وزيرة التخطيط تصل بروكسل للمشاركة في النسخة الثانية من منتدى البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي شركة أرضك للتطوير العقاري تعلن بدء العد التنازلي لإطلاق التيار ال وزير البترول يبحث مع المهندس نجيب ساويرس تعزيز الاستثمارات في قطاع التعدين والتنقيب عن الذهب وزير قطاع الأعمال العام يستقبل وزير التنمية الدولية النرويجي لبحث تعزيز التعاون الاقتصادي استثمارات باكستانية مرتقبة في قطاعات الأدوية والملابس الجاهزة والهواتف المحمولة وتكنولوجيا المعلومات قبرص تبدي رغبتها بالتعاون مع مصر في قطاع التعدين وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة حلوان بعد تطويره ورفع كفاءته في إطار احتفالات الثقافة بانتصارات أكتوبر ... نائب وزير الصحة يبحث مع محافظ الإسكندرية تطوير الخدمات الصحية هارون عبد الغني رئيسًا للقطاع التجاري بشركة «Squares Developments».. ويعلن عن استراتيجية عمل قوية فورسيزونز تستعدّ لاستقبال العام القادم بافتتاحات جديدة، وتجديدات مبهرة معرض أوتوميكانيكا دبي يؤكد على الدور الريادي لدولة الإمارات في قطاع النقل المستدام الفنانة الرومانية كارمن أولتيني تكشف عن معرضها الجديد "جسر المشاعر" في أبوظبي "التخصصي" يوقع اتفاقية مع معهد رادي للكشف عن الأمراض الوراثية للأطفال حديثي الولادة Dubai Islands records AED 6.1 billion in sales in H1 2025, emerging as Dubai’s next waterfront inves... جيتكس: بالو ألتو نتوركس تعرض حلولاً لمواجهة مخاطر الأمن السيبراني المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ESAR 2025 Conference in Riyadh to Highlight Business Continuity and Economic Sustainability Solution... الرئيس السيسى: مصر لا تنسى الدور المهم للقوات المسلحة الجزائرية فى حرب أكتوبر ثاني الزيودي: قطار الاتحاد يرسخ مكانة الدولة مركزاً لوجستياً عالمياً The Islander’s Brunch Celebrates 10 Years with an Elevated Anniversary Edition at DoubleTree by Hilt...