سجّلت أسعار النفط الخام انخفاضاً يوم الخميس بعد رد فعل سلبي من المتداولين تجاه أحدث جهود منظمة أوبك+ التي فشلت في تقديم الدعم للأسعار التي تعاني منذ أسابيع من ضغوط ناجمة عن احتمالات تباطؤ النمو في الصين وتراجع طفيف في الولايات المتحدة. يرجح الطابع الطوعي للتخفيضات الأخيرة، التي تصل على الورق الآن إلى 2.2 مليون برميل يومياً في عام 2024، أن لا يتم تحقيقها. حيث يعتبر تخفيض قدره 160 ألف برميل يومياً في حالة الإمارات العربية المتحدة في الواقع زيادة بقدر 40 ألف برميل يومياً نظراً لزيادة 200 ألف برميل يومياً في خط الأساس الخاص بهم اعتباراً من الأول من يناير.
حقيقة عدم وجود أي التزام إضافي من السعودية تبرز هشاشة هذه الاتفاقية، بالإضافة إلى ذلك، الزيادة بقدر 200 ألف برميل يومياً من روسيا ليست نفطية وإنما منتجات، مما يجعل من الصعب تتبعها.
عندما يستقر الوضع، قد يتبين أن هذه المبادرات برأيي، كانت كافية لدعم سعر برميل برنت في الثمانينات حيث مخاطر الارتفاع محدودة ، خاصةً مع الرياح الاقتصادية المذكورة التي تعني استمرار جذب الطلب الجانبي لاهتمام غير مرغوب فيه، مما قد يحافظ على انخفاض أسعار النفط لفترة أطول.
يتصدر قطاع المعادن الثمينة، للشهر الثاني على التوالي، جدول الأداء حيث أظهر مؤشر بلومبرغ الفرعي للمعادن الثمينة مكاسب لمدة شهرين تقترب من 11%، وهو أفضل أداء شهري متتابع منذ أبريل. وفي حين كان الارتفاع الكبير لأسعار الذهب مدعوماً من عمليات البيع على المكشوف والتوترات الجيوسياسية خلال شهر أكتوبر، استطاع الفضة خلال شهر نوفمبر من تعويض خسائره، مستفيداً من كونه رخيصاً مقارنةً بالذهب وقيام بعض المتداولين بتحويل اهتمامهم نحو الفضة مع اقتراب سعر الذهب من 2000 دولار وهو حد ثبت حتى الآن أنه من الصعب اختراقه.
يمكننا بسهولة معرفة العوامل التي دعمت هذه المكاسب، ليس أقلها في الشهر الماضي، عندما أدى الاعتقاد المتزايد في أن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة قد وصلت إلى ذروتها قد أدى إلى انخفاض سعر الدولار بأكثر من 3 ٪ مقابل نظرائه الرئيسيين في مجموعة العشرة الكبار في الوقت الذي كانت فيه السندات الحكومية الأمريكية لأجل عشر سنوات تمر بأفضل شهر لها منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008 مع انخفاض العائد بمقدار 64 نقطة أساس حتى الآن إلى 4.28 ٪. وذلك بخلاف الشهر الماضي عندما كان يهدد بالاختراق متجاوزاً نسبة 5 ٪. كما شكل انتقال عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي (والر)، المعروف بتشدده، فجأة إلى معسكر الحمائم بقوله “أنا أزداد ثقةً من أن السياسة في وضع جيد حالياً لإبطاء الاقتصاد وإعادة معدل التضخم إلى 2 ٪” عامل آخر اسهم في دعم هذه المكاسب. فقد استنتج السوق إلى أن والر لم يكن ليعبر عن مثل هذا التغيير الكبير في الموقف دون موافقة من رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي باول، والنتيجة هي أن السوق الآن يتوقع خمس تخفيضات كاملة بمقدار 25 نقطة أساس في العام المقبل مع توقع تخفيضات أسعار الفائدة في ديسمبر 2025 بنسبة 3.5 ٪.
سلطنا الضوء، في آخر تحديث للمعادن الثمينة، على كيف شهد الذهب والفضة ست سنوات متتالية من الأداء القوي خلال ديسمبر، والتي حققت متوسط عائد في الذهب بنسبة 4 ٪ و 7.25 ٪ في الفضة. تبين المخططات البيانية أدناه بعض العوامل الرئيسية التي تؤثر على أداء المعادن الثمينة مثل تقلبات سعر الدولار والعوائد الحقيقية وتكلفة الحمل والاتجاه المستقبلي لسندات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكية. كما يوضح المخططان البيانيان الذان في الأسفل الاختلاف الواضح في السلوك بين مستثمري صناديق الاستثمار المتداولة ومتداولي العقود الآجلة مثل صناديق التحوط.
يتبع مديرو الأموال مثل صناديق التحوط ومستشارو تداول السلع الزخم، مما يعني أنهم يشترون عندما يكون السوق في حالة تحسن أو ارتفاع قوي ، مثل الارتفاع الحالي، بينما يبيعون يتراجع السوق. وبعبارة أخرى، فالأمور ليست ثابتة وستتغير المواقف والاتجاهات في حالة حدوث تغير النظرة الفنية و/أو الأساسية. وفي الوقت نفسه، لا يزال مديرو الأصول يقفون جانباً كما يتضح من الارتفاع الضئيل في الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة خلال فترة ارتفعت فيها أسعار السبائك بأكثر من 200 دولار. يمكن العثور على تفسير لترددهم من بين أمور أخرى في الفجوة المتزايدة بين الذهب والعائدات الحقيقية للولايات المتحدة بالإضافة إلى التكلفة المرتفعة الحالية للحمل والتي لن تنخفض إلا عندما يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة. حتى ذلك الحين، سيظلون في حالة الترقب والمراجعة.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن طلب البنك المركزي على الذهب لا يزال قوياً للغاية ومن المرجح أن يستمر في توفير أرضية ناعمة في سوق الذهب مع احتمال تجاوز إجمالي الطلب في عام 2023 الرقم القياسي الذي سجله العام الماضي. يعد شراء البنك المركزي للذهب أحد الأسباب التي دفعت المعدن الأصفر خلال العام الماضي إلى الارتفاع على الرغم من ارتفاع العائدات الحقيقية، ولماذا عانت الفضة أكثر خلال فترات التصحيحات لأنها لا تحظى بهذا الطلب الثابت والأساسي.
ما زلنا نتوقع استمرار الأداء الجيد للذهب والفضة حتى عام 2024 في مع استمرار التوقعات بأن نشهد انخفاضاً بأسعار الفائدة والعائدات الحقيقية. وبالرغم من أن التوقعات بتخفيض أسعر الفائدة قد كان لها أثرها على السوق، إلا أنه من غير المرجح أن نشهد ارتفاعاً مستمراً لأسعار الذهب والفضة، حيث قد يشهد أداء كلا المعدنين تقلبات تخالف التوقعات.
من وجهة نظر فنية، فإن متوسط الحركة لمدة 50 يوماً على وشك تجاوز مستوى 200 يوم، وبما أن سعر شراء الذهب الفوري يظل فوق مستوى 2007 $، فإن الإعداد الفني يشير إلى أسعار أعلى، مع اختراق مستوى 2063 $، وهو مستوى الإغلاق القياسي لشهر أغسطس 2020 والذي يشير إلى احتمال أن يستمر نحو مستوى 2130 $.
أدت محاولات الفضة اللحاق بالركب في الشهر الماضي إلى عودتها إلى تحدي المقاومة عند حوالي 25.25 $ قبل أن تصل إلى ذروة الارتفاع عند 26.08 $، الذي وصل إليه في الفترة من أبريل إلى مايو. يراقب السوق باهتمام المعادن الصناعية، وخاصة النحاس الذي يتم تداوله بالقرب من أعلى مستوى في عشرة أسابيع وسط اضطرابات العرض والطلب القوي الناجم عن الدعوات نحو التحول الأخضر، وليس أقلها قمة COP28 في دبي والتي شهدت، بعد أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في تاريخ البشرية، دعوات لاتخاذ إجراءات سريعة لمكافحة أزمة المناخ المتفاقمة. من المرجح أن تدعم أي اتفاقيات يُنظر إليها على أنها تسرع الانتقال نحو الطاقة المتجددة الفضة، وهي عنصر حاسم في تصنيع الألواح الشمسية، في وقت تبدو فيه توقعات العرض أكثر تشاؤماً.
أولي هانسن رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك