يأتي اليوم العالمي لحماية خصوصية البيانات ككل عام، ليذكرنا بأهمية حماية الهويات الرقمية ووضعها على رأس أولوياتنا في هذا العالم المترابط، فقد انتهى وقت الجدال بين توفير ما يسمى ب”تجربة المستخدم السلسة” وضمان الأمن السيبراني وحل محله حقيقة وحيدة وهي أنه تكون إجراءات الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من تجربة المستخدم.
فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت خروقات البيانات والمخاوف المتعلقة بالخصوصية شائعة جداً وبشكل مثير للقلق، الأمر الذي أثار مخاوف عديدة حول أمن معلوماتنا الشخصية، كما شهدنا استمرار وزيادة تطور هذه التهديدات التي تتعرض لها خصوصيتنا الرقمية جراء الخروقات واسعة النطاق تستهدف المؤسسات والهويات الفردية على حد سواء.
ومع استمرار تطور التكنولوجيا بشكل سريع، تتطور معه أيضًا الأدوات والتقنيات التي تستخدمها الجهات الخبيثة، بدءًا من محاولات القرصنة المعقدة ووصولاً إلى الأشكال الأكثر دقة لاستخراج البيانات، مما يجعل معلوماتنا الشخصية تحت الحصار الدائم، يجعل أكثر المحترفين في مجال الأمن تدريبًا معرضين لتفويت عمليات التصيد الاحتيالي الواقعية التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، عبر النصوص والصوت والفيديو.
ومن ناحية أخرى تواصل الحكومات والهيئات التنظيمية في جميع أنحاء الشرق الأوسط تكثيف جهودها لمواجهة مشهد التهديدات المتطور باستمرار، فعلى سبيل المثال، أعلن مركز دبي المالي العالمي مؤخرا عن تعديلات على لوائحه الحالية لحماية البيانات، حيث صارت تعد أحكام الذكاء الاصطناعي المضافة حديثًا من بين أهم التغييرات التي أجراها المركز .
وسط هذه التحديات، يُمكن لبعض الاستراتيجيات الرئيسية التي تستطيع المؤسسات تنفيذها لحماية الهوية الرقمية أن تعتمد نموذج الثقة المعدومة، وتنفذ ضوابط وصول صارمة، ومراقبة مستمرة، وآليات مصادقة قوية؛ بما في ذلك استخدام المصادقة البيومترية؛ لذا من المهم أيضًا إعطاء الأولوية لبرامج التدريب المستمر على الأمن السيبراني لتثقيف الموظفين والمستخدمين للتعرف على محاولات التصيد الاحتيالي. وأخيرًا، من المهم تبني التشفير الشامل للبيانات الحساسة لأنه يضمن بقاء المعلومات التي تم اعتراضها غير قابلة للفك حتى في حالة الوصول غير المصرح به.
يتعين على الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة حماية الهويات الرقمية اليوم أكثر من أي وقت مضى، حيث يلعب مدراء تكنولوجيا المعلومات دورًا محوريًا في تشكيل مشهد الأمن السيبراني لمؤسساتهم، ويجب عليهم تكييف استراتيجياتهم مع التحديات المتطورة التي تفرضها التهديدات السيبرانية، وذلك من خلال اعتماد التقنيات المبتكرة، وتعزيز ثقافة الوعي الأمني، والالتزام بممارسات الخصوصية الفعّالة، يمكن للمؤسسات الإبحار بثقة في العوالم الرقمية، وحماية هويات الأفراد في هذا العالم المترابط.