في السنوات الأخيرة، بدأ الحديث عن العديد من العقاقير المخدرة التي تدخل بشكل مفاجئ إلى الأسواق، وتنتشر بسرعة بين فئات مختلفة من المجتمع. من بين هذه العقاقير التي أثارت القلق، يأتي عقار GHP (أو “GHB”)، وهو أحد المخدرات التي حازت على انتباه السلطات الصحية والأمنية بسبب خطورتها العالية وتأثيراتها السلبية المدمرة على صحة الإنسان.
وعبر السطور التالية نسلط الضوء على ما هو عقار GHP، كيف يعمل في جسم الإنسان، وما هي الأضرار والآثار المترتبة على تعاطيه.
ما هو عقار GHP؟
عقار GHP، والذي يُعرف علميًا باسم حمض غاما هيدروكسي بوتيريك (Gamma-Hydroxybutyric Acid)، هو مادة كيميائية تُستخدم بشكل رئيسي في المجال الطبي لعلاج بعض الاضطرابات، مثل الأرق وبعض حالات الاضطرابات العصبية، ومع ذلك، يُساء استخدام هذه المادة في العديد من الحالات، ويُعتبر أحد المخدرات الشائعة في الأوساط غير القانونية.
يتم تصنيع عقار GHP بشكل غير قانوني في بعض الأحيان في المختبرات السرية، ويُحسن في شكل سائل أو مسحوق يتم تناوله عن طريق الفم، وهو في الأصل مادة تشبه في تأثيرها بعض أنواع المهدئات والمواد المنومة، لكنه يستخدم بشكل غير قانوني كمادة مخدرة للترفيه أو في بعض الحالات للاغتصاب والتخدير غير الطوعي في الجرائم الجنسية، ويعرف أحيانًا بـ “المخدرات السائلة”.
كيفية تأثير عقار GHP على جسم الإنسان
عندما يدخل عقار GHP إلى الجسم، يبدأ تأثيره بعد فترة قصيرة من تناوله. يعمل هذا العقار على الجهاز العصبي المركزي حيث يؤدي إلى تأثير مهدئ على الدماغ والجهاز العصبي، مما يتسبب في شعور بالاسترخاء والنعاس، وقد يسبب أيضًا الدوار وفقدان التوازن. مع الجرعات العالية، يبدأ التأثير المخدر في أن يصبح أكثر وضوحًا، ليصل إلى مرحلة التخدير الكامل وفقدان الوعي.
يعد تأثير عقار GHP مشابهًا إلى حد كبير لبعض المهدئات المنومة مثل الباربيتورات والبنزوديازيبينات، لكنه أكثر خطورة، حيث يمكن أن يُسبب غيبوبة أو توقف التنفس في الحالات الشديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجرعات الزائدة قد تؤدي إلى الوفاة بسبب التسمم الناجم عن قمع وظائف الجهاز العصبي.
الآثار الجسدية والنفسية لتعاطي عقار GHP
عند تعاطي عقار GHP بشكل متكرر، يتعرض الشخص لعدد من الآثار الجسدية والنفسية التي قد تكون مدمرة على المدى الطويل. على المستوى الجسدي، يمكن أن يؤدي استخدام العقار إلى انخفاض حاد في معدل ضربات القلب وضغط الدم، مما يزيد من خطر السكتة القلبية أو الفشل التنفسي، خاصة في الجرعات الزائدة.
أما على الصعيد النفسي، فإن تعاطي عقار GHP يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من الأعراض العقلية والسلوكية الخطيرة، مثل القلق الشديد، الاكتئاب، التوتر العصبي، وفقدان الذاكرة، مع مرور الوقت، يمكن أن يتسبب في إدمان شديد، حيث يصبح الشخص بحاجة مستمرة لتناول العقار بشكل يومي للتمكن من التفاعل مع الحياة اليومية.
ومن أخطر الآثار النفسية لهذا العقار هو تأثيره على الذاكرة قصيرة المدى، حيث يُمكن أن يسبب فقدان الذاكرة التام (النسيان التام للفترات التي تلت تعاطي المخدر). هذا يجعل من الصعب على المتعاطي تذكر الأحداث التي حدثت أثناء تأثير العقار عليه، وهو أمر يعرض الأفراد لأخطار جسيمة في حالة تعاطي العقار في بيئات غير آمنة.
خطورة عقار GHP في حالات الجرعات الزائدة
من أخطر المخاطر التي يواجهها المتعاطون لهذا العقار هو احتمال الجرعة الزائدة. في حال تناول جرعة زائدة من GHP، يمكن أن يؤدي ذلك إلى توقف التنفس أو الفشل الكلوي، مما يستدعي تدخلًا طبيًا عاجلاً، نظراً لسهولة استخدام العقار بشكل خاطئ وعدم القدرة على ضبط الجرعة بدقة، فإن حالات التسمم بسبب عقار GHP تتزايد بشكل ملحوظ في مختلف أنحاء العالم.
في حالات الجرعة الزائدة، قد يبدأ الشخص في فقدان الوعي، ويصبح تنفسه بطيئًا للغاية، ما قد يؤدي إلى توقف التنفس تمامًا، هذا يمكن أن يؤدي إلى الموت إذا لم يتلقَ المتعاطي رعاية طبية فورية. ورغم أن العقار قد يبدو غير خطير في البداية بسبب تأثيراته المؤقتة، فإن خطر الجرعة الزائدة يُعد من أكبر التحديات في التعامل مع هذا المخدر.
مشكلة استخدام عقار GHP في الجرائم
بسبب تأثيراته المهدئة والمخدرة السريعة، أصبح عقار GHP يُستخدم في بعض الجرائم، خاصة تلك المتعلقة بالاغتصاب والاعتداء الجنسي. يُعرف العقار أحيانًا باسم “المخدر الميسر” نظرًا لقدرته على تخدير ضحيته بسرعة كبيرة، مما يجعلها غير قادرة على المقاومة أو حتى تذكر الأحداث لاحقًا، في حالات عدة، تم استخدام GHP في الحانات أو النوادي الليلية لتخدير الضحايا والتسبب في ارتكاب جرائم جنسية دون وعي منهم، هذه الظاهرة جعلت من عقار GHP موضوعًا حساسًا في الأوساط القانونية والأمنية، حيث تتزايد الحملات لمكافحة استخدامه في مثل هذه الجرائم وحث الجمهور على توخي الحذر من هذا النوع من المخدرات.
الأسواق الغير القانونية
عقار GHP يُعد من المخدرات الخطيرة التي تحمل آثارًا مدمرة على الصحة الجسدية والنفسية للمستخدمين، ويمكن أن يؤدي إلى الإدمان، التسمم، والوفاة في حالات الجرعات الزائدة، كما أنه يسبب تأثيرات سلبية على الذاكرة والتوازن العقلي، مما يجعل من الصعب على المتعاطي ممارسة حياته بشكل طبيعي، ولذا، يجب على السلطات الصحية والأمنية بذل جهد أكبر في توعية الجمهور عن مخاطر هذه المادة وحظر استخدامها في الأسواق غير القانونية.