في حوار حصري أجرته فوربس الشرق الأوسط مع سمو الأمير الوليد بن طلال آل سعود في برج المملكة بالرياض، قدّم سموه رؤى نادرة حول التداعيات المحتملة لفترة رئاسة ثانية لدونالد ترامب، والمخاطر المتزايدة لعدم الاستقرار الاقتصادي العالمي، إضافة إلى الانتشار السريع للذكاء الاصطناعي. وتطرّق الأمير إلى مفهوم الإرث الحقيقي، موضحًا أن الإرث يتجاوز مجرد تراكم الثروات إلى ما يتركه الإنسان من أثر وقيم.

بصفته رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة وأغنى ملياردير عربي في العالم، قدّم الأمير الوليد رؤيته حول قضايا مفصلية مثل الحروب التجارية، وتصاعد هيمنة الذكاء الاصطناعي، وتعريف القيادة في عالم يزداد تعقيدًا.
وتحدث الأمير، الذي تجمعه علاقة معرفة شخصية بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بصراحة قائلاً: “هذه الرسوم الجمركية تعادل شللًا تجاريًا. فرض رسوم بنسبة 145% على الصين؟ هذا ليس تفاوضًا، بل تجميد للتجارة”. ورغم إقراره بمهارة ترامب السياسية، أطلق الأمير تحذيرًا واضحًا من مغبة السياسات القائمة على التصعيد الاقتصادي، قائلاً: “كان من الممكن أن يؤدي هذا إلى ركود اقتصادي، وربما إلى كساد عالمي”.
كذلك شارك الأمير الوليد بن طلال سبب استمراره في دعم إيلون ماسك، رغم الانتقادات الأخيرة التي تعرضت لها شركة تيسلا. وقال: “عندما تولى ماسك إدارة تويتر، لم أسحب استثماراتي، بل ضاعفت رهاني”. وأضاف: “نحن نراهن على الحصان الفائز، وهذا الحصان هو ماسك”.
وأكد الأمير الوليد أنه أجرى اتصالًا هاتفيًا حديثًا مع ماسك استمر ساعتين، تم خلاله مناقشة اندماج شركتي X وxAI، قائلاً: “إنه يدير الأعمال والسياسة معًا، ويتولى كليهما بالفعل”.
فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، أكد الأمير الوليد بن طلال على تأثير هذه التكنولوجيا الواسع في مختلف القطاعات، قائلاً: “سيؤثر الذكاء الاصطناعي على جميع القطاعات. إن لم تتكيفوا، ستتخلفون عن الركب”. كما استذكر حديثه مع بيل غيتس حول التأثيرات المحتملة على الوظائف الإدارية والعُمالية، حيث قال: “يجب خلق فرص جديدة. هذه ليست سوى البداية لثورة الذكاء الاصطناعي”.
وفي حديثه عن التحول الجاري في المملكة العربية السعودية، وصف الأمير الوليد بن طلال هذا التحول بأنه تاريخي وشخصي في آن واحد، قائلاً: “نمر بثورة اقتصادية في السعودية”، في إشارة إلى الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الشاملة التي تشهدها البلاد. وأشاد سموه بـرؤية السعودية 2030، معتبرًا أن السياحة والثروات المعدنية تمثلان المحركين الاقتصاديين الجديدين للمملكة. وأوضح: “لدينا كل شيء هنا – الشواطئ، الوديان، والآثار. وكل شيء يسير بشكل جيد. نحن نستقبل بالفعل عشرات الملايين من السياح… دون الحاجة إلى المشروبات الكحولية”.
وتطلعًا إلى المستقبل، أعرب الأمير الوليد بن طلال عن ثقته في تحول المملكة نحو التنوع الاقتصادي، قائلًا: “نحن نعمل على خلق مصادر دخل جديدة، وأعتقد أنه في غضون خمس سنوات، ستعتمد ميزانية المملكة بشكل رئيسي على المنتجات غير النفطية”.
وعندما سُئل الأمير الوليد بن طلال عن استعادته صدارة قائمة فوربس لأغنى الأثرياء العرب، لم يُظهر فخرًا شخصيًا، بل استشهد بآية من القرآن الكريم قائلًا: “هذا من فضل ربي، (لئن شكرتم لأزيدنكم)”. وحين طُرح عليه سؤال حول معنى الثروة والسلطة بالنسبة له، أجاب ببساطة وتواضع: “البركة. أنا مجرد رجل وسيط، فهي من الله وإليه تعود.”
كما كشف أنه تبرع بالفعل بخمسة مليارات دولار عبر مؤسسة الوليد للإنسانية، مؤكدًا التزامه الراسخ بالعطاء. وقال: “بدأتُ العمل الخيري في نفس اليوم الذي بدأتُ فيه أعمالي، أي في الأول من يناير عام 1980”. ولا يزال الأمير الوليد من أوائل وأكثر المدافعين عن مساواة المرأة في المملكة. وأكد بحزم: “لا يوجد موظفون هنا، بل أعضاء فقط. و55% منهم سيدات، ولا مجال للنقاش بشأن ذلك”.
بالنسبة للأمير، القيادة تعني إطلاق العنان للإمكانات: “مهمتي كقائد هي أن أُظهر للناس الإمكانات الكامنة في أنفسهم والتي لم يكونوا يعلمون بوجودها”.
مع تقدم شباب المملكة في طليعة التحول الجاري، يُقدم الأمير الوليد نصيحة واضحة: “مجتمعنا شاب، ومؤهل بشكل استثنائي. بفضل الذكاء الاصطناعي والإنترنت، أصبحوا مطلعين على كل شيء. لذا كونوا يقظين وتحركوا بسرعة”.