أصدرت شركة أوتوديسك تقريرها السنوي الثالث حول حالة التصميم والتصنيع ، والذي يستعرض رؤى عالمية وإقليمية حول كيفية تعامل الصناعات مع التحول الرقمي، ونقص الكفاءات، وتبني الذكاء الاصطناعي، والاستدامة؛ إذ كشفت نتائج الاستطلاع الذي شمل 260 مشاركاً من قادة القطاع في منطقة الشرق الأوسط عن تفاؤل حذر في ظل حالة من الريبة تسود الرأي العالمي، ونتيجة له تواصل الشركات المحلية زيادة استثماراتها في التكنولوجيا، وتنمية المواهب، وتطبيق استراتيجيات أكثر استدامة.
وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية والتقلبات الجيوسياسية المتسارعة، أكد 65% من قادة القطاع في المنطقة عزمهم على زيادة استثماراتهم خلال السنوات الثلاث المقبلة، انسجامًا مع المبادرات الوطنية الطموحة مثل رؤية السعودية 2030 واستراتيجية الإمارات لتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050.
قادة الشرق الأوسط يتصدرون الاستثمارات في إمكانات الذكاء الاصطناعي – على الرغم من الحذر العالمي
رغم التراجع الطفيف في الحماس العالمي تجاه الذكاء الاصطناعي خلال عام 2025، لا تزال منطقة الشرق الأوسط تُظهر تفاؤلًا نسبيًا يبرز من خلال استثمارات مستمرة في هذه التقنية الواعدة.
● انخفضت نسبة قادة القطاع الذي يرون أن استخدام الذكاء الاصطناعي سيساهم في تعزيز صناعاتهم إلى 67 % مقابل 84% المسجلة في عام 2024.
● أشار 58 % من المشاركين إلى إدراكهم لقدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث تحوّلات جذرية، معبرين عن وعي وتوازن يجمع بين التفاؤل والحذر.
والأبرز من ذلك، أن 47 % من الشركات في الشرق الأوسط أفادت بأنها حققت بالفعل أهدافها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي أو تقترب من تحقيقها، متفوقة بذلك على المتوسط العالمي البالغ 40%.، كما يخطط 58 % من القادة لزيادة استثماراتهم في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة، ما يعكس التزامًا مستمرًا بدفع عجلة الابتكار.
وتتجلى هذه الطموحات في مشاريع إقليمية كبرى مثل نيوم، ومدينة إكسبو دبي، ومشروع البحر الأحمر، التي تستخدم جميعها تقنيات الذكاء الاصطناعي والتصميم التوليدي لنمذجة المدن المستدامة وتحسين البنية التحتية قبل بدء عمليات البناء.
تحديات الكفاءات مستمرة… والشرق الأوسط يحرز تقدمًا
كما هي الحال في العديد من مناطق العالم، يبقى نقص الكفاءات التقنية تحدٍ رئيسي يواجه نمو القطاعات الصناعية في الشرق الأوسط.
● يرى 54 % من المسؤولين في المنطقة أن نقص الكفاءات الماهرة يشكل عائقًا أمام النمو المستدام.
● وأفاد 57 % بأنهم يواجهون صعوبة في العثور على موظفين يمتلكون المهارات التقنية المطلوبة.
● في المقابل، تُظهر البيانات توجهًا استراتيجيًا نحو المستقبل، إذ يعتبر 37% من القادة أن مهارات الذكاء الاصطناعي ستكون أولوية قصوى في التوظيف خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ومع ذلك، تُظهر المنطقة تقدمًا ملحوظًا، إذ بدأت مبادرات مثل “برنامج مصنعين” في دولة الإمارات، وبرنامج تنمية القدرات البشرية في المملكة العربية السعودية، في تضييق الفجوة من خلال التركيز على بناء المهارات الرقمية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، إلى جانب تطوير الكفاءات في القطاعات المهنية.
ولضمان الازدهار في العصر الرقمي، لا بدّ أن يتقن الجيل القادم مهارات الذكاء الاصطناعي ويُوظّفها ليكن في طليعة استخدامات التكنولوجيا، لا في مواجهتها، وتقع على عاتق قادة القطاع مسؤولية ردم الفجوة بين نظم التعليم واحتياجات سوق العمل المتسارعة، من خلال توسيع الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي، وتطوير مناهج تعليمية متقدمة، وتعزيز الوعي بالفرص الوظيفية المستقبلية، لذا تُعد منصة أوتوديسك التعليمية – إحدى المبادرات الرائدة في هذا المجال، حيث تسهم في بناء قاعدة متنوعة من المواهب، ودفع عجلة النمو، وتزويد القوى العاملة المستقبلية بالمهارات اللازمة لمواكبة متطلبات اقتصاد الذكاء الاصطناعي.
الاستدامة تتحول إلى توجّه سائد في الشرق الأوسط
تُثبت منطقة الشرق الأوسط مكانتها كأحد أبرز اللاعبين العالميين في تبنّي الاستدامة، ليس فقط كواجب بيئي، بل كرافعة اقتصادية استراتيجية أيضًا.
● 98% من قادة الأعمال في الشرق الأوسط أفادوا بأن مؤسساتهم تعمل بجدّ لتعزيز الاستدامة، وهي نسبة تتفوق على المتوسط العالمي البالغ 95%.
● 84% من المشاركين يعتقدون أن الاستدامة يمكن أن تساهم بأكثر من 5% من الإيرادات السنوية لشركاتهم، مقارنة بـ79% على المستوى العالمي.
● وتعتمد 40% من المؤسسات في المنطقة على تقنيات الذكاء الاصطناعي لدفع أهداف الاستدامة، متماشية بل ومتجاوزة في بعض الحالات، المعايير الرائدة في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.
تتوافق هذه الاتجاهات بشكل وثيق مع السياسات الوطنية الطموحة، مثل الأجندة الخضراء لدولة الإمارات العربية المتحدة 2030 ، واستراتيجية الاقتصاد الدائري للكربون في المملكة العربية السعودية، وكلاهما يسعى إلى تحقيق توازن فعّال بين النمو الاقتصادي والعمل المناخي؛ ومن هذا المنطلق صارت الشركات العاملة في قطاعات البناء والتصنيع والتصميم تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر لمراقبة الانبعاثات، وتحسين كفاءة الطاقة، وتقليل الهدر.
التحول الرقمي يحقق نتائج ملموسة
تواصل الشركات في منطقة الشرق الأوسط تحقيق عوائد ملموسة من استثماراتها في التحول الرقمي:
● أفاد 45% من القادة بتحقيق مكاسب في الإنتاجية نتيجة للتحول الرقمي.
● ذكر 34% تحسنًا ملحوظًا في رضا العملاء، وهو ما يتماشى مع الاتجاهات العالمية في هذا المجال.
● أعلن 29% عن انخفاض في التكاليف التشغيلية، رغم الظروف الاقتصادية العالمية المتقلبة.
وعلى الرغم من تراجع الزخم العام للاستثمار مقارنة بمستويات عام 2024، إلا أن الشركات الأكثر تقدمًا من الناحية التكنولوجية في المنطقة تظل في طليعة هذا التحول، حيث يخطط 69% من الشركات الناضجة رقميًا للاستثمار بشكل أكبر في تدريب المهارات الرقمية، مما يعكس التزامها المستمر بتعزيز الكفاءات الرقمية لمواكبة المستقبل التكنولوجي.
في هذا السياق، صرّح ناجي عطا الله، رئيس قسم البناء والتصنيع في الأسواق الناشئة بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى شركة أوتوديسك، قائلاً: يشهد قطاع الصناعات في الشرق الأوسط فترة تحول محوري، فبالرغم من الحذر الذي يسود العالم إزاء هذا الأمر، إلا أن منطقة الشرق الأوسط تتخذ خطوات فعّالة لاغتنام الفرص، من خلال العمل على مواءمة أهدافها للتنويع الاقتصادي مع الابتكار الرقمي والاستدامة، إلى جانب التركيز على تطوير المواهب، وتكامل الذكاء الاصطناعي، واعتماد التصميم الذكي للوصول للنمو المستدام على المدى الطويل.”
مع تسارع السباق نحو عام 2030، تعمل الشركات على مواءمة استثماراتها التكنولوجية مع أهداف الاستدامة، وتحويل التزاماتها البيئية إلى مزايا تنافسية.
