في كلمة يحمل دلالات سياسية وإنسانية عميقة، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس العدوان الاسرائيلي الذي دخل شهره ال23 على قطاع غزة بأنه “حرب إبادة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية”، موجهاً بذلك رسالة حازمة إلى المجتمع الدولي، ومؤكداً مجدداً على موقف مصر التاريخي والثابت في دعم الحقوق الفلسطينية ورفض تصفية القضية.
جاءت كلمة السيسي في لحظة مفصلية، وسط تصاعد المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين في قطاع غزة، وتزايد الأصوات الدولية التي تحذر من كارثة إنسانية غير مسبوقة. لكن أهمية هذه الكلمة لا تقتصر على مضمونها فقط، بل تنبع من توقيتها، وموقع قائلها، والرسائل الضمنية التي حملتها.
حين يصف رئيس أكبر دولة عربية الحرب على غزة بأنها حرب إبادة، فهو لا يستخدم المصطلحات جزافاً، بل يقدم توصيفاً دقيقاً لما يحدث من قتل ممنهج، وتجويع متعمد، وتدمير شامل للبنية التحتية، واستهداف للمدنيين والمستشفيات والمدارس. هذا التصريح يضفي شرعية سياسية وقانونية على ما تطالب به منظمات حقوق الإنسان، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية.
أعاد السيسي التأكيد أن القضية الفلسطينية ليست للبيع، وأن محاولة تصفيتها تحت وقع النار والحصار لن تمر. هذا الموقف يتقاطع مع الإجماع الشعبي العربي الرافض لأي محاولات لفرض “حلول قسرية”، خصوصاً تلك التي تسعى لتفريغ غزة من سكانها، أو إقامة كيان بديل للفلسطينيين خارج أراضيهم.
حديث الرئيس المصري حمل تحذيراً ضمنياً من أن استمرار العدوان الإسرائيلي لن يؤدي إلى الأمن، بل إلى انفجار إقليمي أوسع، وهو ما تسعى مصر لتجنبه من خلال تحركاتها الدبلوماسية المستمرة، وفتح معبر رفح للمساعدات، والضغط على الأطراف الفاعلة دولياً لوقف إطلاق النار.
في ظل التخاذل الدولي، كان لكلمات الرئيس المصري أثر معنوي كبير في الشارع الفلسطيني والعربي، حيث جاءت بمثابة دعم سياسي وأخلاقي واضح للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، وتأكيد أن مصر لن تتخلى عن دورها التاريخي.
قد يشكل خطاب السيسي دافعاً لحراك سياسي جديد، عربي ودولي، لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني وعدالة إنسانية، وليس مجرد ملف إنساني أو “أزمة أمنية” كما تحاول بعض الأطراف تصويره.
حديث الرئيس السيسي لم يكن مجرد موقف سياسي، بل صرخة ضمير عربي في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، ورسالة تحذير إلى المجتمع الدولي بأن الصمت لم يعد مقبولاً. ومن هنا، فإن أهمية هذه الكلمة تكمن في كونها وثيقة سياسية وإنسانية يجب البناء عليها، وتوظيفها في كل المحافل الدولية من أجل وقف العدوان، وإنهاء الاحتلال، وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وفقاً لاعلان نيوريوك بشأن حل الدولتين .