أصدرت شركة إيبوري (Ebury)، الرائدة عالميًا في حلول المدفوعات والتكنولوجيا المالية، تقريرها الأسبوعي الذي يتناول أبرز التطورات في أسواق العملات والاقتصاد الكلي. ويستعرض التقرير أداء الدولار واليورو والجنيه الإسترليني في ظل المستجدات الاقتصادية والسياسية، وسلطت الضوء على توقعات السياسات النقدية في الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة.
واصل التضخم في الولايات المتحدة تسجيل مستويات أعلى بكثير من مستهدفات مجلس الاحتياطي الفيدرالي على مدى السنوات الخمس الماضية، مع اتجاه تصاعدي تدريجي. وفي الوقت ذاته، تتزايد المؤشرات على تباطؤ سوق العمل، ما يضاعف الضغوط على الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، فيما تواصل الأسهم تحقيق مستويات قياسية جديدة بشكل غير متسق مع المعطيات الاقتصادية. ويظل الدولار متماسكًا، ربما بسبب الصعوبات التي تواجه منافسيه الرئيسيين، مثل الركود المستمر في منطقة اليورو وتفاقم الركود التضخمي في المملكة المتحدة. وفي المقابل، يبرز الذهب كأكبر المستفيد، بعدما ارتفع بنحو 40% أمام الدولار الأمريكي منذ بداية العام.
وقال إينريكيه دياز ألفاريز، المحلل الرئيسي في شركة إيبوري: ” تدخل الأسواق أسبوعًا حاسمًا، إذ تتجه الأنظار إلى اجتماع الفيدرالي في سبتمبر، حيث من المتوقع أن يتم خفض الفائدة للمرة الأولى هذا العام. ورغم أن خفضًا كبيرًا بواقع 50 نقطة أساس يبدو مستبعدًا لتجنب إشارات ذعر قد تؤدي إلى بيع جماعي في الأسواق، إلا أن أي خطوة أصغر ستعكس اعترافًا واضحًا بتباطؤ الاقتصاد الأمريكي.”
وأشار التقرير إلى أن بيانات مبيعات التجزئة لشهر أغسطس، المقرر صدورها الثلاثاء، وأرقام طلبات إعانة البطالة الأسبوعية يوم الخميس، ستوفر مزيدًا من المؤشرات حول عمق التباطؤ الاقتصادي الأمريكي. أما في منطقة اليورو، فيتسم الأسبوع بالهدوء، في حين تستعد المملكة المتحدة لسيل من بيانات سوق العمل (الثلاثاء) والتضخم (الأربعاء).
الدولار الأمريكي
من المنتظر أن يكون اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لهذا الأسبوع أحد أهم الاجتماعات، ليس فقط من زاوية السياسة النقدية الروتينية. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المحافظة ليزا كوك ستتمكن من المشاركة، بينما تخوض نزاعًا قضائيًا مع الرئيس دونالد ترامب بشأن محاولته عزلها. لكن الأنظار ستتركز على أي جانب من الركود التضخمي سيختار رئيس الفيدرالي جيروم باول التركيز عليه، وهل سيركز على على تباطؤ سوق العمل، وهو مشكلة أكثر إلحاحًا بعد أن كشف مكتب إحصاءات العمل عن مبالغة كبيرة في تقدير مكاسب التوظيف، أم على معدل التضخم الذي لا يزال أعلى بكثير من المستهدف، كما هو الحال منذ خمس سنوات؟ ويتجه الآن إلى مزيد من الارتفاع – حتى قبل أن تظهر في البيانات أي ضغوط صعودية ملموسة من الرسوم الجمركية. وفي كل الأحوال، لا يُحسد الفيدرالي على موقعه الحالي.
وقال إينريكيه دياز ألفاريز، المحلل الرئيسي في شركة Ebury: “يواجه الفيدرالي معضلة غير مسبوقة: ما بين سوق العمل الذي يتباطؤ بشكل واضح بعد مراجعات البيانات الأخيرة، ومعدل تضخم ظل أعلى من مستهدفاته طوال خمسة أعوام متتالية ويواصل اتجاهه التصاعدي. ومع ضغوط إضافية متوقعة من الرسوم الجمركية، تبدو قرارات السياسة النقدية الأمريكية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.”
الجنيه الإسترليني
سيلعب تدفق البيانات هذا الأسبوع دورًا كبيرًا في توضيح حالة الاقتصاد البريطاني. مع توقعات بأن تؤكد بيانات العمل (الثلاثاء) وتقرير التضخم (الأربعاء) بمرور المملكة المتحدة في مرحلة ركود تضخمي، مع بقاء التضخم أعلى بكثير من مستهدفات بنك إنجلترا، فيما يستمر سوق العمل في التباطؤ، على غرار الوضع في الولايات المتحدة. وعلى الجانب الإيجابي، يبدو أن موجة البيع في سوق السندات الحكومية البريطانية (Gilts) قد توقفت مؤقتًا واستقرت العوائد، لكن المعنويات لا تزال هشة، وأي تعثر جديد لحكومة العمال، كما حدث في فشلها الأخير بتمرير تخفيضات متواضعة في الإنفاق، قد يؤدي إلى استئناف تصاعد العوائد.
اليورو
كان اجتماع البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر حدثًا عابرًا كما كان متوقعًا، ولم يعد السوق يتوقع أي خفض إضافي في أسعار الفائدة. ومع ذلك، فإن تقليص فجوة أسعار الفائدة مع الولايات المتحدة (وهو أمر إيجابي للعملة الموحدة) يقابله في الوقت الراهن القلق بشأن الوضع المالي الفرنسي. وكما هو الحال في المملكة المتحدة، تبدو حتى التخفيضات المتواضعة في الإنفاق أمرًا مستحيلًا سياسيًا، فيما يُعد العجز الفرنسي الأسوأ في منطقة اليورو. كما أن مستويات الضرائب المرتفعة أصلًا تجعل من الصعب سد الفجوة من خلال الزيادات الضريبية المعتادة. ويؤكد خفض وكالة فيتش للتصنيف الائتماني السيادي لفرنسا خلال عطلة نهاية الأسبوع حجم المشكلة. ويُتوقع أن يكون الأسبوع هادئًا في منطقة اليورو، بحيث يتأثر اليورو بتطورات الأسواق الأخرى.