تمتد مسيرة إريكسون في مصر لأكثر من قرن من الزمن، إذ بدأت هذه المسيرة في عام 1897، عندما ساهمنا في إنشاء أول مقسم هاتف في البلاد بالإسكندرية، إيذاناً ببداية شراكة قائمة على الابتكار والمرونة. وواصلنا العمل على مر الزمن بالتعاون مع المشغلين وصانعي السياسات في مصر لتوسيع نطاق الاتصال وتحديث الشبكات وتوفير مزايا تكنولوجيا الهاتف المحمول للملايين في مصر. واليوم، وبينما تُسرّع مصر من وتيرة تحولها الرقمي، لا تزال إريكسون ملتزمة بدعم طموحات البلاد على صعيد الجيل التالي من الاتصال، والمتمثل في شبكة الجيل الخامس المستقلة.
شبكة الجيل الخامس بوصفها عامل تمكين للاقتصاد المصري
تتجاوز جدوى شبكة الجيل الخامس المستقلة في مصر مجرد السرعات العالية لنقل البيانات على الهواتف الذكية. فهي توفر تجربة جيل خامس حقيقية، وزمن استجابة سريع، وتقسيماً أصلياً للشبكة، ووظائف سحابية أصلية، ما يتيح تقديم عروض اتصال متميز يمكن تصميمها خصيصًا لصناعات محددة وحالات استخدام مؤسسية. ويتعلق الأمر أيضاً بتمكين القطاعات التي تدعم الاقتصاد الوطني، إذ يمكن لقطاع التصنيع الاستفادة من شبكة الجيل الخامس المستقلة والاتصال المتميز لأتمتة خطوط الإنتاج، ونشر الأنظمة الروبوتية، وتمكين الصيانة التنبؤية، ما يجعل المصانع أكثر ذكاءً وكفاءة. وفي قطاع الخدمات اللوجستية والموانئ، لا سيما على طول قناة السويس، أحد أهم شرايين التجارة في العالم، تدعم شبكة الجيل الخامس عملية التتبع الفوري، وإدارة حركة المرور المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وسلاسل التوريد الآمنة. أما في مجال الطاقة، فإن شبكة الجيل الخامس تربط الشبكات الذكية وتعزز تكامل المصادر المتجددة، بينما في قطاع الزراعة، يمكن لأجهزة الاستشعار التي تستخدم تقنية إنترنت الأشياء، وأنظمة الري القائمة على البيانات، زيادة الغلال والحفاظ على المياه من الهدر.
ويُظهر الزخم العالمي مدى تأثير هذا التحول الجذري، إذ يشير تقرير إريكسون للاتصالات المتنقلة، إلى أنه من المتوقع أن تستحوذ شبكات الجيل الخامس على حوالي ثلث اشتراكات الهاتف المحمول عالمياً هذا العام، مدعومةً بأكثر من 340 إطلاقاً تجارياً، وحوالي 70 عملية نشر مستقلة . وتُمثل عمليات النشر المستقلة هذه المنصة التي يُمكن من خلالها بناء الاتصال المتميز للشركات على نطاق واسع.
وجدير بالذكر أن مصر اقتربت مؤخرًا من إنجاز مهم يتمثل بإطلاق خدمات جيل خامس أولية على مستوى البلاد. ونحن نشهد كيف تعمل الحملات التسويقية التي تُروّج لخدمات الجيل الخامس الجديدة، بالإضافة إلى الانطباعات الأولى لمشتركي الجيل الخامس الذين يلمسون تحسينات حقيقية في سرعة نقل البيانات، على رفع مستوى قدرة مزودي خدمات الاتصالات على تلبية التوقعات. وسيتيح الانتقال من التطبيقات غير المستقلة إلى التغطية المستقلة الكاملة لشبكة الجيل الخامس للمُشغّلين الانتقال من تسويق إنترنت عريض النطاق أسرع للهواتف المحمولة إلى تقديم باقات اتصال مضمونة ومُصمّمة خصيصًا للشركات التي تُسوّق اتصالاً مُتميزاً.
وتُسلّط أحدث أبحاثنا حول قيمة شبكة الجيل الخامس الضوء على مستوىً عالمي، حيث سجّل مستخدمو الهواتف الذكية التي تدعم الجيل الخامس زيادة في استخدامهم تقنية الواقع المعزز بنسبة 50% خلال العامين الماضيين، وهم يقضون عشرين دقيقة إضافية يوميًا في بث المحتوى عبر صيغ بث الفيديو المتقدمة مقارنةً بالعام الماضي. ونحن نشهد ارتفاعاً في مستويات الاستخدام، من خلال الجمع بين نظام تحديد مستويات السرعة، وحزم التطبيقات، والعروض القائمة على جودة الخدمة. ويخصص المستخدمون الذين يستخدمون باقات خدمة مبتكرة لتجربة العملاء أكثر من ثلث وقت بث الفيديو الخاص بهم للمحتوى المُحسّن، مقارنةً بربعهم فقط دون باقة. وتُعدّ تجربة العميل عاملاً محورياً لنجاح شركات الاتصالات، حيث يُبدي مستخدمو الهواتف الذكية التي تدعم الجيل الخامس استعدادًا لدفع رسوم إضافية تبلغ 11% مقابل هذه الخدمة للحصول على اتصال مُتميز.
وفي حين أن المستهلكين عموماً سريعون في استيعاب الاتجاهات والتقنيات الجديدة، إلا أنه لا يزال الطريق ممتداً أمام مزودي الخدمات، إذ تُظهر بياناتنا أنه في واحد وعشرين من أصل أربعة وثلاثين سوقًا، يبدو أن مستخدمي الهواتف الذكية راضون عن أداء شبكة الجيل الخامس مقارنةً بأداء شبكة الجيل الرابع. ومع ذلك، يختلف سبب عدم الرضا باختلاف الأسواق. ففي أسواق مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، وعلى الرغم من احتلالها مرتبة عالية في سرعات الشبكة، فإن لدى المستهلكين توقعات مرتفعة للغاية بشأن أداء الجيل الخامس، وخاصةً مدى توافره. وتشمل الأسباب الأخرى لخيبة الأمل عدم الرضا عن أسعار وخطط الجيل الخامس، وعدم وجود تحسن ملحوظ في الأداء مقارنةً بالجيل الرابع، والذي قد يؤدي المهمة المطلوبة بشكل جيد، والضغط على شبكات الجيل الخامس حيث بدأت حصة حركة مرور الجيل الخامس في تجاوز الجيل الرابع. ويجب أيضًا النظر إلى هذه المعطيات في سياق مستهلكي الجيل الخامس المقبلين الذين هم مستخدمون رئيسيون ولديهم توقعات أعلى بشأن الأداء والقيمة وأقل تسامحًا مع فجوات التغطية.
وفي مصر، ومع تقدم مزودي خدمات الاتصالات في رحلتهم نحو نضج تقنية الجيل الخامس، تشير خبرتنا العالمية إلى أن تحقيق هذه الإمكانات سيعتمد على استراتيجية مثالية للطيف تُعطي الأولوية لكتل ترددات 100 ميجاهرتز المتجاورة في النطاق المتوسط، مُعززة بطيف نطاق منخفض لتحقيق نطاق تغطية أوسع. وهذا النموذج، الذي يتم تطبيقه بالفعل في الإمارات العربية المتحدة وقطر لبناء بعض أسرع شبكات الجيل الخامس في العالم، سيُمكّن مصر من تحسين تكاليف النشر وتعظيم الأداء والتغطية. أما على صعيد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن المتوقع أن تُستحوذ شبكات الجيل الخامس على حوالي 61% من جميع اشتراكات الهاتف المحمول بحلول عام 2030 ، مع نمو قوي عبر قطاعات المستهلكين والشركات. ولدى مصر الفرصة لمواكبة هذا المسار وضمان قدرة صناعاتها على المنافسة عالميًا.
تعزيز الشمول وتحقيق تغطية على مستوى البلاد
لا يقتصر التحول الرقمي في مصر على مدنها الكبرى، إذ يجب أن يكون الشمول جزءًا لا يتجزأ من أي استراتيجية لشبكات الجيل الخامس. ومن المتوقع أن يُمثل الوصول اللاسلكي الثابت أكثر من 35% من اتصالات النطاق العريض الثابت الجديدة عالميًا بحلول عام 2030 ، وهو يُقدم حلاً فعالاً لتوسيع نطاق الاتصال عالي الجودة إلى المناطق التي تعاني من نقص الخدمات. ويُمكن للوصول اللاسلكي الثابت من خلال الاستفادة من انتشار شبكات الهاتف المحمول الحالية، توفير نطاق عريض موثوق، بسرعة وبتكلفة معقولة، ما يُساعد على سد الفجوة الرقمية بين المجتمعات الحضرية والريفية.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أهمية الاستدامة بنفس قدر أهمية الوصول. فشبكات الجيل الخامس الحديثة أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة من سابقاتها، ما يدعم التزامات مصر البيئية وضمان ألا يأتي نمو الاتصالات على حساب إصدار انبعاثات أعلى. وبهذه الطريقة، تتضافر استراتيجية الطيف الترددي، والطرح الشامل، والتصميم الموفر للطاقة لتحقيق تحول رقمي يعود بالنفع على الجميع.
تعزيز ريادة الأعمال والابتكار
ومن نافل القول إن الاقتصاد الرقمي في مصر هو اقتصاد مدفوعٌ بشكل رئيسي بشعبها، إذ يعد تعدادها السكاني من بين الأكبر في المنطقة، ويتميز شعبها بهيمنة الفئة الشابة، وتزخر البلاد بمواهب ريادية ترغب في رسم ملامح المستقبل. وسوف تُشكّل شبكات الجيل الخامس المستقلة والاتصال المتميز حافزًا للابتكار، إذ أنها تمنح الشركات الصغيرة والناشئة الأدوات اللازمة للمنافسة على نطاق أوسع.
وفي مجال التكنولوجيا المالية، تُمكّن شبكات الهاتف المحمول المتقدمة من توسيع نطاق المدفوعات الرقمية الآمنة وتسريع الشمول المالي، لا سيما في المجتمعات التي لا تزال تعاني من نقص الخدمات المصرفية التقليدية. وفي مجال الرعاية الصحية، يُمكّن الاتصال المتميز من التشخيص عن بُعد، وربط المستشفيات، وحلول الطب عن بُعد، التي تُتيح رعاية عالمية المستوى للمرضى أينما كانوا ودون أي مساومة على الجودة. وفي مجال التعليم، تُشغّل هذه التقنية الفصول الدراسية الرقمية الغامرة، وتُوسّع نطاق الوصول إلى المعرفة للطلاب في كل من المدن والمناطق الريفية. وتفتح تقنية الجيل الخامس الباب أمام موجة من النشاط الريادي الذي يُمكن أن يُعزز دور مصر في الاقتصاد الرقمي، إذ أنها تذلل العقبات أمام ابتكار خدمات جديدة.
ونحن في إريكسون ملتزمون بدعم هذه المنظومة، ونتعاون مع جامعات رائدة ومراكز أبحاث ومراكز ابتكار لتبادل الخبرات العالمية وبناء المهارات الرقمية. وتستطيع مصر من خلال الاستثمار في تنمية المواهب، الاستفادة من بنيتها السكانية الشاب، وضمان امتداد فوائد تقنية الجيل الخامس إلى جميع شرائح المجتمع.