تشهد الأرض اليوم نشاطًا شمسيًا قويًا تسبب في حدوث عاصفة جيومغناطيسية أثرت بشكل مباشر على أنظمة الاتصالات والأقمار الصناعية وشبكات الطاقة في عدد من مناطق العالم. وتعد هذه الظاهرة جزءًا من الدورة الشمسية الحالية التي تتجه نحو ذروتها خلال الفترة المقبلة، وهو ما يستدعي استعدادًا متزايدًا من المؤسسات المعنية لمواجهة تداعياتها المحتملة على البنية التحتية الحيوية.
العاصفة الجيومغناطيسية، الناتجة عن تزايد الانبعاثات الشمسية وتدفق الجسيمات المشحونة نحو الغلاف المغناطيسي للأرض، تتسبب عادة في اضطرابات مؤقتة بمختلف أنظمة التكنولوجيا التي تعتمد على الإشارات الكهرومغناطيسية. وفي هذا اليوم، حذرت مراكز التنبؤ بالطقس الفضائي، من بينها مركز التنبؤ الأمريكي NOAA وهيئة الأرصاد الفضائية الكندية، من تأثيرات محتملة على الاتصالات وأنظمة الملاحة والأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء.
من أبرز التأثيرات التي رُصدت اليوم ضعف مؤقت في إشارات الراديو عالية التردد، المستخدمة في الاتصالات اللاسلكية والملاحة الجوية والبحرية. وقد أبلغت بعض محطات الاتصالات في مناطق خطوط العرض العليا عن انقطاعات متقطعة في الإرسال، ما أثر على جودة الاتصال في نطاقات معينة. كما واجهت أنظمة تحديد المواقع العالمي GPS انخفاضًا في دقة الإشارة، وهو ما تسبب في تأخير مؤقت بعمليات الملاحة الجوية والبحرية والبرية التي تعتمد على تحديد المواقع الدقيقة.
أما في الفضاء، فقد أظهرت بيانات المراقبة ارتفاعًا في مستوى الإشعاع الكوني نتيجة تزايد الجسيمات الشمسية المتدفقة، وهو ما يشكل خطرًا على الأجهزة الحساسة في الأقمار الصناعية. وتؤدي هذه الظواهر إلى زيادة مقاومة الغلاف الجوي في الطبقات العليا، مما يغير من مدارات بعض الأقمار الصناعية المنخفضة الارتفاع ويجعلها عرضة لفقدان السيطرة أو الحاجة إلى تعديلات تصحيحية في المسار. وقد دعت الوكالات الفضائية المشغلة إلى وضع أقمارها في أوضاع آمنة لتقليل المخاطر الناتجة عن الإشعاع الزائد.
شبكات الكهرباء بدورها ليست في مأمن من آثار العواصف الجيومغناطيسية، إذ قد تتعرض بعض الأنظمة ذات الجهد العالي إلى تذبذبات طفيفة نتيجة التيارات المستحثة في خطوط النقل. وتشير تقديرات مراكز الطاقة إلى أن التأثير في الغالب سيكون محدودًا ومؤقتًا، إلا أن استمرار النشاط الشمسي خلال الأيام المقبلة قد يستدعي مراقبة دائمة للمحولات والمحطات الكبرى لتفادي أي انقطاعات مفاجئة.
في الجانب الإيجابي، تسبب هذه الظواهر مشاهد طبيعية نادرة تتمثل في ظهور الشفق القطبي على نطاق أوسع من المعتاد، إذ يُتوقع أن يشاهده سكان بعض المناطق في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية خارج نطاقه التقليدي.
ويرى خبراء الفلك والطقس الفضائي أن هذه الأحداث تمثل مؤشرات على النشاط المتزايد للدورة الشمسية الخامسة والعشرين، والتي من المتوقع أن تبلغ ذروتها خلال عامي 2025 و2026. وتدعو الهيئات الدولية إلى تعزيز التعاون بين مراكز الأرصاد الفضائية وشركات التكنولوجيا والطاقة، لضمان استعداد الأنظمة الحيوية لمواجهة أي اضطرابات مستقبلية قد تنتج عن تصاعد النشاط الشمسي خلال الأشهر القادمة.







