في السنوات الأخيرة عاد مصطلح دولة التلاوة ليحتل صدارة محركات البحث ومواقع التواصل، خاصة مع انطلاق برنامج دولة التلاوة الذي أعاد تسليط الضوء على تاريخ الترتيل المصري ومدارسه المتنوعة.
ويأتي الاهتمام المتزايد مدفوعًا بشغف الجماهير العربية بالأصوات القرآنية العذبة التي لطالما تميّز بها قرّاء مصر عبر عقود طويلة، حتى استحقت مصر لقب دولة التلاوة خلال العصر الذهبي للقرّاء.
يشير مصطلح دولة التلاوة إلى تلك المرحلة التاريخية التي ظهرت فيها نخبة من كبار القراء الذين شكّلوا هوية الأداء القرآني في الإذاعة المصرية والعالم الإسلامي.
فقد استطاع هذا الجيل أن يرسخ مدارس خاصة في الأداء، ما جعل التلاوة المصرية معيارًا للبراعة الصوتية والدقة في التجويد.
وفي مقدمة هؤلاء الروّاد يتصدر الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ الشعشاعي، والشيخ محمود علي البنا، والشيخ الحصري، وغيرهم من أعلام الترتيل الذين شكلوا ذاكرة صوتية متفردة لا يزال تأثيرها حاضرًا حتى اليوم.
وقد بدأ برنامج دولة التلاوة بالفعل في العرض، حيث بثت الحلقة الثانية أمس السبت، مركّزة على مدارس الأداء المختلفة وتعريف الجمهور بمواهب جديدة تحمل ملامح الاستمرارية لهذا الإرث العريق.
ويهدف البرنامج إلى إحياء روح التلاوة الأصيلة، واستعادة مجد القرّاء الكبار من خلال مسابقات وتقييمات تعتمد على معايير علمية وصوتية دقيقة.
ومن المنتظر أن تتضمن مسابقة دولة التلاوة 2025 عدة شروط أساسية تضمن جودة الأداء وحسن اختيار المتسابقين.
وتشمل الشروط حفظ القرآن الكريم مع الالتزام الكامل بأحكام التجويد، وسلامة مخارج الحروف، وجودة الصوت، إضافة إلى إتقان المقامات الصوتية المستخدمة في الترتيل، سواء في التلاوة المرتلة أو المجودة.
كما تشدد المسابقة على ضرورة التزام المتسابق بأخلاقيات قارئ القرآن التي تعكس احترام النص القرآني وروحانيته.
وأعلنت وزارة الأوقاف أسماء لجنة التحكيم التي تتولى تقييم المشاركين، لتضم نخبة من العلماء والقراء والمختصين. ويترأس اللجنة العلمية الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، ويشارك في عضويتها الشيخ حسن عبد النبي وكيل لجنة مراجعة المصحف بالأزهر الشريف، والدكتور طه عبد الوهاب خبير الأصوات والمقامات، إضافة إلى القارئ الشيخ طه النعماني، والداعية مصطفى حسني.
كما يحضر المسابقة عدد من ضيوف الشرف على رأسهم مفتي الجمهورية الدكتور نظير محمد عياد، والدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء.
وتشمل اللجنة أيضًا مجموعة من كبار القراء المعاصرين الذين يمثلون امتدادًا للمدرسة المصرية الأصيلة، ومن بينهم الدكتور أحمد نعينع، وعبد الفتاح الطاروطي، ومحمد أيوب عاصف، وعمر القزابري، وجابر البغدادي، وهي أسماء لها مكانة مرموقة في عالم التلاوة.
وتعود التساؤلات حول مفهوم التلاوة إلى أصلها اللغوي الذي يعني المتابعة والترتيل، بينما يقصد بها في سياق القرآن القراءة الخاشعة وفق أحكام التجويد، مع مراعاة المخارج والصوت والنَّفَس.
ويظل السؤال عن أفضل الأصوات المصرية مفتوحًا أمام جمهور واسع يرى في كل قارئ من الروّاد مدرسة مستقلة ذات أسلوب وروح لا تتكرر، ما يعكس غنى دولة التلاوة وتنوعها وعمق تأثيرها في العالم الإسلامي.







