وافق مجلس النواب نهائيًا في يوليو 2025 على مشروع قانون جديد لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في إطار الإيجار القديم، في خطوة تعتبر تاريخية بعد سنوات طويلة من الجدل حول حقوق الطرفين.
ويهدف القانون إلى إعادة التوازن بين مصالح المستأجرين الذين استفادوا من الإيجار القديم لأكثر من عقود طويلة وبين أصحاب العقارات الذين تكبدوا خسائر بسبب انخفاض قيمة الإيجار مقارنة بالقيمة السوقية الحالية.
أهم ما يميز القانون الجديد هو إدخال مدة انتقالية لإنهاء عقود الإيجار القديمة، حيث حددت الفترة بسبع سنوات للوحدات السكنية وخمس سنوات للأماكن غير السكنية، بهدف إعطاء المستأجرين فرصة للتأقلم مع التعديلات الجديدة والبحث عن بدائل سكنية مناسبة.
كما يتضمن القانون زيادة دورية في قيمة الإيجار بما يتناسب مع معدل التضخم والقيمة السوقية للعقارات، مع وجود حالات استثنائية يمكن أن تصل فيها الزيادة إلى عشرين ضعف القيمة الحالية للإيجار، إلى جانب تحديد حد أدنى للإيجار الشهري لضمان تحقيق حد أدنى من العائد المالي للمالك.
من التعديلات المهمة أيضًا وضع شروط جديدة لانتقال حق الإيجار للورثة، حيث يشترط استمرار الإقامة مع المستأجر الأصلي لمدة لا تقل عن عام قبل وفاته، وألا يمتلك الوريث وحدة سكنية أخرى، لضمان أن تظل الميزة محددة لمن يحتاجها فعليًا وليس مجرد ورثة يمتلكون عقارات متعددة.
كما وفر القانون بدائل سكنية للمستأجرين الخاضعين للإيجار القديم عند نهاية مدة العقد، تشمل وحدات سكنية أو غير سكنية تقدمها الدولة، مع إعطاء الأولوية للفئات الأولى بالرعاية لتخفيف الأعباء الاجتماعية الناتجة عن تعديل العقود القديمة.
وفيما يتعلق بتسوية النزاعات، تضمن القانون آليات جديدة تهدف إلى حل الخلافات بين الملاك والمستأجرين بشكل أسرع وأكثر عدالة، حيث تم وضع إجراءات واضحة لتقديم الشكاوى والفصل فيها دون اللجوء إلى المطولات القضائية التي عانى منها الطرفان على مدار السنوات الماضية.
ويأتي هذا التعديل بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الذي قضى بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية في القانون القديم، مما شكل ضغطًا على الجهات التشريعية لتعديل القانون وضمان التوازن بين حقوق المستأجرين والملاك.
ويعتبر القانون الجديد محاولة متكاملة للتعامل مع أزمة الإيجار القديم التي أثرت على سوق العقارات بشكل عام، حيث ساعد تثبيت الأجرة لفترات طويلة على انخفاض العائد المالي لأصحاب العقارات، بينما استفاد المستأجرون بشكل كبير من الإيجار المنخفض دون النظر للتغيرات الاقتصادية.
وتؤكد الحكومة أن التعديلات الجديدة لا تهدف إلى حرمان المستأجرين من حقوقهم، بل إلى خلق بيئة أكثر عدالة تستوعب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتضمن استقرار سوق العقارات على المدى الطويل.
ويعكس القانون أيضًا توجه الدولة نحو حماية الفئات الأقل دخلًا من خلال توفير بدائل سكنية، مع الحفاظ على حقوق الملاك في الحصول على عائد مناسب من ممتلكاتهم.
ومن المتوقع أن يسهم القانون في تقليل النزاعات القانونية المتعلقة بالإيجار القديم وتسهيل إدارة سوق الإيجار بشكل أكثر مرونة وشفافية، مع توفير الحماية القانونية لكل الأطراف المعنية.







