بقلم: زهرة يرمش، مدير برنامج ” الإتصال من أجل التعليم ” في إريكسون
سلطت جائحة كوفيد-19 وتأثيراتها واسعة النطاق على قطاع التعليم في جميع أنحاء العالم، الضوء على الفجوات المتعددة على المستوى الرقمي في عالم اليوم. ففي الوقت الذي تحول فيه العديد من طلاب العالم من التعليم التقليدي إلى التعليم الرقمي، إلا أننا واجهنا تحد أكبر يتمثل في عدم اتصال أكثر من 3.6 مليار شخص في العالم حتى الآن بشبكة الانترنت.
ويختلف الوضع على نحو ملحوظ بالنسبة للطلاب المتصلين بالإنترنت، فقد أدت سياسات التباعد الاجتماعي إلى تأثر أكثر من 1.2 مليار طالب بإغلاق المدارس في معظم أنحاء العالم، حيث أظهر تقريرنا الأخير بعنوان ” تقرير كوفيد-19 للمستهلكين” أن الطلاب كانوا قادرين على استبدال التعليم التقليدي عبر إنفاق المزيد من الوقت بنسبة 230٪ على أدوات التعلم الرقمية مثل “غوغل كلاس” و”إيبيك” و”سيي سو كلاس”.
وتعد هذه الزيادة ارتفاعاً كبيراً في الوقت المخصص للتعلم، إلا أنها اعتبرت أيضاً بمثابة دافع لتسريع اتجاه كنا نتتبعه بثبات منذ بداية اطلاق برنامجنا “الاتصال من أجل التعليم” قبل عشر سنوات بالضبط.
يقدر تقرير حالة عرض النطاق الترددي لعام 2020 أن يبلغ عدد الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت اليوم ضعف عدد الأشخاص مقارنة بعام 2010. ويعني هذا الارتفاع في مستوى محو الأمية الرقمية، إلى جانب التحول الرقمي السريع للاقتصاد في الفترة القريبة، أن ضمان الوصول العادل والمتساوي إلى كلاً من التعليم وأسواق العمل المستقبلية سيعتمد على مدى الشمولية الرقمية داخل مجتمعاتنا.
ما هي الشمولية الرقمية، وما مدى أهميتها في عالم اليوم؟
تبدو الشمولية الرقمية أكثر أهمية لناحية الإرتقاء بجودة ومستوى الطريقة التي نتعلم بها، مثل منصات التعلم الرقمية الجديدة التي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 350 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، لقد أصبحت مجموعات المهارات الرقمية شرطاً أساسياً لتوظيف القوى العاملة في المستقبل، نظراً للتركيز المتزايد على البرمجة والروبوتات والذكاء الاصطناعي والأتمتة، وكيفية استخدامهم في سوق العمل.
تظهر التغييرات التي تحدث اليوم، التفاوت بين العالم المتقدم والنامي. فإذا لم تكن متصلاً بالانترنت، فإن ذلك يوضح لك القفزة التي يتعين عليك القيام بها على مستوى الاتصال والوصول إلى التعليم والفوائد المرجوة من هذه الخدمات.
يعد سد هذه الفجوة الرقمية، مع الأشخاص غير المتصلين بالانترنت أو غير الملّمين بالرقمنة، أمر ضروري لضمان التوزيع العادل للفرص الرقمية عبر البلدان والمواقع والوضع الاجتماعي والاقتصادي والجنس والعمر.
الوصول إلى التعليم في العصر الرقمي
قمنا عام 2010 بتأسيس مبادرة “الاتصال من أجل التعليم” بالتعاون مع معهد “إيرث” في جامعة كولومبيا و”ميلينوم بروميس”، مع التركيز على توفير أدوات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتمكين التدريس والتعليم في المجتمعات غير المتصلة بالانترنت والمحرومة من الاتصال بالانترنت وغير الممثلة على المشهد الرقمي.
واستطعنا منذ إطلاق مشاريعنا الأولى من تقديم المساعدة لـ “ميلينيوم فيلجيز” عبر تمكين الاتصال بالانترنت وزيادة الشمولية الرقمية لأكثر من 200,000 طالب حول العالم. ومع تطور البرنامج قمنا بتعزيز جهودنا لسد الفجوة الرقمية من حيث الاتصال بالانترنت والمحتوى والمنهاج الدراسي والمنصات الأساسية.
وبصفتنا شركة رائدة في عالم التكنولوجيا، فقد استطعنا بسرعة اكتشاف قدرتنا على توفير ما يفوق بكثير من مجرد الاتصال بالانترنت، حيث بات بإمكاننا المساهمة في تحسين عمليات ومنهجيات التعلم لجعل التعليم أكثر تأثيراً. على سبيل المثال، استطعنا عبر التعاون مع المنظمات التي تتبنى وجهات نظر مماثلة لنا، رقمنة ونشر المحتوى من خلال أدوات التعلم الرقمية مثل تطبيقات الأجهزة المحمولة.
ويتمثل أحد أكبر الاختلافات منذ عشر سنوات أيضاً في أن طبيعة التكنولوجيا في السياق التعليمي، سواء كوسيطة أو وسيلة لدخول سوق العمل، كانت لا تزال غير ناضجة نسبياً مع تطور المشهد، وقد توصلنا للتعرف على مدى الحاجة لتخصيص التعليم وإضفاء الطابع الفردي عليه، لتحسين نتائج التعليم بطريقة هادفة.
يُعد منح الأشخاص حق الوصول إلى النوع الصحيح من المحتوى جانباً واحداً من الواقع، حيث أن هناك جانب آخر بذات القدر من الأهمية يتمثل في العنصر البشري. فإضافة إلى الرقمنة، سيظل الطلاب بحاجة دائمة إلى المشاركة والإلهام والتفاعل من قِبَل المعلمين والمدربين الذين يمتلكون المزيد من الخبرات في هذ…