قد يتساءل الكثيرون عن سبب تكبد شركات السيارات خسائر مالية فادحة بسبب السيارات الكهربائية، ورغم ارتفاع مبيعاتها في الآونة الأخيرة. في هذا المقال، سنستكشف تلك الخسائر ونحاول فهم الأسباب وراءها.
تقرير أرباح الربع الأول من عام 2024 لشركة فورد أظهر تحقيقها صافي دخل قدره 1.3 مليار دولار أمريكي، وهو رقم ضخم بالفعل. ومع ذلك، كان بإمكانها تحقيق أرباح أكبر لو لم تواجه صعوبات فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية الجديدة التي أطلقتها.
سيارة فورد كهربائية بالكامل
في الواقع، فشلت سيارات فورد الكهربائية بشكل كبير في تحقيق الأرباح المتوقعة. ووفقًا لتقرير من بلومبرج، فإن فورد تتكبد خسائر تصل إلى 100 ألف دولار أمريكي عند بيع كل سيارة كهربائية جديدة، وهو ما يعادل 367 ألف درهم إماراتي.
والأمر المثير للاهتمام هو أن مبيعات سيارات فورد الكهربائية ارتفعت بنسبة 86% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة لا تزال جزءًا صغيرًا من إجمالي مبيعات فورد، حيث تم بيع 20,223 سيارة فقط.
فورد موستنج ماك اي
من بين السيارات الكهربائية التي حققت نجاحًا نسبيًا في المبيعات هي سيارة فورد موستنج ماك اي (Ford Mustang Mach-E). فقد تم بيع 9,589 سيارة جديدة من هذا الطراز في الربع الأول من عام 2024، وهو رقم معتبر بالنسبة لفورد. وعند مقارنتها بمبيعات شاحنات فورد إف-150 في نفس الفترة، التي بلغت 152,943 سيارة جديدة، نجد أن السيارات الكهربائية لا تزال تشكل حصة صغيرة جدًا.
اتجاه شركة فورد في 2024
لاحظنا أن فورد قد قلصت بالفعل إنتاجها من السيارات الكهربائية بسبب الطلب المنخفض على هذه الفئة من السيارات مقارنة بالسيارات التقليدية التي تعمل بالوقود. ووفقًا لتقرير بلومبرج، فإن الشركة تقوم بتخفيض الطلبيات من موردي البطاريات وتبحث عن وسائل أخرى لتعويض الخسائر المالية الناجمة عن سلسلة سيارات فورد الكهربائية بالكامل.
ليست فورد وحدها التي تعاني من هذه المشكلة، بل هناك أيضًا شركات أخرى في صناعة السيارات تواجه نفس التحديات. فقد أعلنت مجموعة ستيلانتس، المالكة لعلامات تجارية مثل دودج وجيب ورام ومازيراتي والفا روميو وغيرها، أنها مستعدة لبناء إصدارات الاحتراق من المركبات الكهربائية إذا كان هناك طلب عليها. وعبّرت مرسيدس بنز أيضًا عن شكوكها بشأن طموحاتها الكهربائية، في حين تكافح شركة جنرال موتورز مع منصة Ultium الخاصة بها.
إن التحول نحو تركيز أكبر على بيع السيارات الكهربائية ليس تحدٍ فقط بالنسبة لشركة فورد، بل يشمل أيضًا الشركات الأخرى في الصناعة. ومع ذلك، فإنه يجب أن نتذكر أن هذا التحول قد يستغرق وقتًا لتحقيق النتائج المالية المرجوة. وعلى الشركات أن تكون حذرة ومستعدة للتكيف مع التغييرات والتحديات التي يشهدها سوق السيارات الكهربائية في الوقت الحالي.
أسباب خسارة الشركات من إنتاج السيارات الكهربائية
وفي محاولة لمعرفة الأسباب الحقيقية لتلك الخسائر التي لا تتوقف على منتجي السيارات الكهربائية قد نخلص الأسباب في النقاط التالية:
ارتفاع تكلفة الإنتاج: من المعروف أن السيارات الكهربائية ذات تكنولوجيا عالية، وتكلف الشركات مبالغ كبيرة في البحث والتطوير مهما زاد المكونات المستوردة والخارجية في إنتاج السيارات.
تكلفة البنية التحتية وتوافرها: من المشاكل الأساسية التي مازالت تواجه الكثير من شركات السيارات هو عدم توافر محطات شحن في كل مكان، وتظل تكلفة بناء المزيد من المحطات الكهربائية عالية لذلك التوسع في بناءها ليس أمراً سهلاً.
الطلب على السيارات الكهربائية: رغم أن مبيعات السيارات الكهربائية في إزدياد، ويعتبر ذلك الصعود السريع مؤشر جيد، ولكن يظل المعروض من مختلف أنواع السيارات الكهربائية أكبير بكثير من المطلوب، مما يتسبب في أن سعر إعادة البيع في أغلب البلاد لا يتناسب مع السعر وقت الشراء، ولا يوجد دائماً طلب كبير على السيارات الكهربائية المستعملة، ولكن بالتأكيد يختلف الأمر على حسب نوع وحالة السيارة.
أم السبب الأهم هو فرض الحكومات على شركات السيارات المصنعة أن تكون نسبة محددة من الإنتاج عبارة عن سيارات كهربائية، والتي تتمثل في حالة السوق الأمريكي بـ 22% في الوقت الحالي. وبحسب خطة “صفر انبعاثات” من المفترض أن تصل إلى 80% بحلول 2030 و 100% بحلول 2035%.
وهو الأمر الذي قد يستبعد البعض حدوثه بتلك السرعة، ولكن يظل هناك غرامات محتملة على الشركات التي لن تطبق تلك الخطة.
في النهاية، يمكن القول إن السيارات الكهربائية تمثل تحديًا كبيرًا لشركات السيارات التقليدية، وذلك بسبب تكاليف الإنتاج العالية والتغيرات الهيكلية التي يتطلبها إنتاجها وتسويقها. ومع ذلك، فإن هذا التحول يعد ضروريًا لمواكبة التطورات التكنولوجية وتلبية متطلبات السوق المتغيرة. من المتوقع أن تستمر الشركات في السعي لتحسين أداء السيارات الكهربائية وتقليل التكاليف، وبالتالي يتوقع أن يتحسن الوضع المالي لهذه الشركات مع مرور الوقت.