الرئيس التنفيذي
أشرف الحادي

رئيس التحرير
فاطمة مهران

متاعب قطاع السيارات مرشحة للاستمرار عامين مع انخفاض المبيعات وتقدم «الكهربائية»

قال خبراء اقتصاديون إن صناعة السيارات العالمية التي سجلت أسوأ أداء في 2019 نتيجة تداعيات الحرب التجارية، قد تواجه متاعب جديدة خلال العامين المقبلين.
ويقر خبراء تحدثوا لـ«الاقتصادية» أن صناعة السيارات تمر بمرحلة تحول شديدة الحساسية تلقي بظلالها على مستقبل القطاع، ويقرون بأن عام 2019 ربما يعد أحد أسوأ الأعوام فيما يتعلق بالأداء العام للصناعة خلال الأعوام الماضية. فالتقديرات المتاحة تشير إلى انخفاض المبيعات من 83.7 مليون سيارة عام 2018 إلى 79.5 مليون سيارة العام الماضي، والأخطر أنهم لا يتوقعون تعافي الصناعة إلا بحلول عام 2022، عندما ترتفع المبيعات إلى 84 مليون مركبة.
ويرى المهندس جوردان وارد رئيس قسم المبيعات الدولية في شركة فوكسهول البريطانية أن “2019 كان أكثر إرهاقا لصناعة السيارات في جميع أنحاء العالم مقارنة بعام 2009، فالمبيعات تراجعت بنحو أربعة ملايين سيارة، وهذا يعد انخفاضا كبيرا على المستوى الدولي، كما كان الوضع في خضم الأزمة المالية العالمية، وهذا الوضع أدى إلى انخفاض الأرباح والسيولة”.
وفي الواقع، فإن تضافر عدد من العوامل أدى إلى هذا الوضع السلبي الذي عانت منه صناعة السيارات العام الماضي، الذي يتوقع أن يتواصل هذا العام.
ويعتقد المهندس إل.دي. واتسون الاستشاري في اتحاد منتجي السيارات الأوروبيين أن “السياسات الأمريكية تجاه الصين أدت إلى انخفاض كبير في الطلب الصيني على السيارات خاصة الفاخرة، وعززت الإجراءات المتشددة التي يتم تبنيها في عديد من دول العالم، خاصة في الاتحاد الأوروبي بشأن لوائح ثاني أكسيد الكربون من تراجع الطلب، والتحديات التي ينطوي عليها ذلك تتمثل في دفع الأوروبيين لاستهلاك السيارات الكهربائية التي لا تزال مرتفعة الثمن، ما أدى إلى انخفاض الطلب المحلي على السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي في عديد من دول الاتحاد الأوروبي”.
ويضيف الخبير في مجال صناعة السيارات، أن الأداء السيئ للقطاع العام الماضي، قد يؤدي إلى انتهاء عصر السيارات الرخيصة، مع تراجع الإنتاج العالمي من سيارات محركات الاحتراق الداخلي لمصلحة السيارات الكهربائية.
ويرى الخبراء أن صناعة السيارات لم تكن وحدها المتضررة من تداعيات 2019، مشيرين إلى أن قطاعات أخرى لم تكن أفضل حالا ومنها التجارة الدولية خصوصا تجارة التجزئة ويتفقون على أن العام الماضي شهد ضعفا في الاستثمارات والطلب، إضافة إلى الحرب التجارية، التي اشتعلت بين الولايات المتحدة والصين مما أضر بسلاسل التوريد العالمية وأنهك قطاع الصادرات السلعية، وأشار المحللون إلى أن الأخطر من ذلك هو استمرار منحنى هذا الأداء السيئ خلال العام الجاري.
إذا عدنا بالذاكرة إلى أوائل عام 2019، وتحديدا إلى الأسابيع الأولى منه، فسنتذكر أن الأسواق افتتحت على مستويات شديدة من التقلب، وهو ما لم يكن مبشرا بالخير.
فالأسهم كانت قد أنهت لتوها أحد أسوأ الأعوام منذ عقد، وفي أوائل كانون الثاني (يناير) 2019، خفضت شركة أبل توقعاتها من الأرباح بعد أن خسرت بالفعل أكثر من 400 مليار دولار من قيمتها السوقية، وتأرجح مؤشر ستاندرد آند بورز 500، ومؤشر داو جونز، مما فسر على أنه بداية لعام من الاضطرابات الاقتصادية.
وبالفعل اختتم العام الماضي بتقديرات نمو لم تتجاوز وفقا لصندوق النقد الدولي 2.9 في المائة مقارنة بنحو 3.6 عام 2018، ولم يتجاوز النمو في الاقتصادات المتقدمة حدود 1.7 في المائة مقارنة بنحو 2.2 في المائة العام السابق، وانخفض النمو الصيني من 6.6 في المائة خلال عام 2018 إلى 6.1 في المائة عام 2019.
هذا الوضع الاقتصادي شهد عددا من الرابحين والخاسرين، وبينما أدت بعض القطاعات الاقتصادية بشكل جيد، فإن قطاعات أخرى شكل لها عام 2019 كابوسا لأدائها الاقتصادي المتواضع.
يعد قطاع التجارة الخارجية أحد أسوأ القطاعات الاقتصادية أداء، وفقا لتقديرات الدكتورة ستيفاني والترز أستاذة الاقتصاد الدولي في جامعة كامبريدج، التي تضيف، “لنفهم حجم التردي الذي أصيب به قطاع التجارة الدولية خلال العام الماضي، علينا أن نشير إلى أنه خلال الفترة من 1990 – 2008 كان النمو السنوي في التجارة العالمية أسرع 82 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتقلص هذا الرقم إلى 13 في المائة فقط خلال الفترة من 2010 – 2019، مما جعل الاقتصاد العالمي أكثر عرضة للصدمات المتكررة”.
وتشير ستيفاني إلى أن الاقتصاد العالمي نما بنحو 2.9 في المائة العام الماضي، ومن المعروف اقتصاديا أن نطاق النمو من 2.5 في المائة إلى 3.5 في المائة يعد منطقة خطر، وإذا أخذنا في الحسبان أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن نمو التجارة العالمية لم يتجاوز نسبة 1 في المائة العام الماضي، فهذا يعد أضعف أداء تجاري منذ عام 2009، والمشكلة أن هذا الأداء السيئ يتوقع له الاستمرار.
وتلقي راشيل آنخيل الباحثة الاقتصادية بمسؤولية هذا الأداء السيئ على عاتق السياسات الحمائية التي تجتاح الاقتصاد العالمي، عادّة أن “الصراع التجاري الراهن بين الولايات المتحدة والصين، والسياسات الحمائية للبلدين، أدت إلى تقليص حجم التجارة الدولية، وأضعفت نمو الاقتصاد العالمي ومن ثم تقلص الطلب العالمي على السلع والخدمات”.
وكان قطاع تجارة التجزئة من القطاعات التي أصيبت بخيبة الأمل في عام 2019، فعلى سبيل المثال انخفضت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة 0.3 في المائة بحلول أيلول (سبتمبر) الماضي، والمشكلة الحقيقية أن تلك الأخبار جاءت وسط مخاوف مستمرة من الركود بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قبل توصل البلدين إلى اتفاق المرحلة الأولى.
تلك السحب القاتمة لم تحلق فوق الولايات المتحدة فحسب، إذ حلقت فوق أوروبا أيضا، وكانت أكثر كثافة، إذ أدى تراجع أداء قطاع التجزئة إلى تبنى المحال التجارية الكبيرة استراتيجية أكثر تركيزا على مواسم التسويق الكبرى، ودفع هذا الوضع بالرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي إلى أن يطالب الحكومات الأوروبية باتخاذ مزيد من التدابير المالية لاستكمال التحفيز النقدي وتنشيط اقتصاد منطقة اليورو.
بطبيعة الحال لم تكن جميع الدول الأوروبية سواء فيما يتعلق بسوء أداء قطاع تجارة التجزئة، وفي هذا السياق احتلت تجارة التجزئة في المملكة المتحدة وضعا دفع الإعلام البريطاني إلى التأكيد على أن عام 2019 كان الأسوأ على الإطلاق بالنسبة لتجارة التجزئة في المملكة المتحدة، حيث انخفضت المبيعات لأول مرة منذ 24 عاما، وتأثر هذا التراجع بانخفاض المبيعات 0.9 في المائة في شهري تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر)، وهما الشهران اللذان يعول عليهما تجار التجزئة لتحقيق معظم الأرباح السنوية.
ويعد عديد من الخبراء أن هذا الوضع المتراجع لتجارة التجزئة يعود بالأساس إلى زيادة المبيعات عبر الإنترنت، وانعكس الوضع السلبي في فقدان الوظائف وإغلاق المتاجر وإعادة هيكلة الشركات الخاسرة، وقدر عدد العمال الذين خسروا وظائفهم نتيجة إغلاق المتاجر في المملكة المتحدة بنحو 140 ألف موظف، واختفت من الأسواق بعض من ألمع الأسماء والماركات التجارية مثل سلسلة أزياء كارين ميلن، وكوست وفورفر 21، ومتجر وات براذرز الإسكتلندي، ومتجر البيدمار الماري آند بوند، ومجموعة مطاعم جيمي الإيطالية، ومذر كير، ولينكس.
بينما قامت متاجر تجزئة أخرى بالتغلب على العقبات التي تواجهها من خلال إعادة هيكلة نشاطها، وإغلاق بعض الأفرع مثل سلسلة توب شوب، ودورسي بركينز، وميس أوركيدا، وإتش إم في، ولورا آشلي.
وتشير الإحصاءات الرسمية في المملكة المتحدة إلى أن 12 في المائة من المحال البريطانية الفارغة لا تجد مستأجرا.
وتشهد الدوائر التجارية البريطانية جدلا حول مستقبل تجارة التجزئة في البلاد، فبينما يبدو بعضهم متشائما حيال المستقبل، باعتبار أن التسوق الإلكتروني قد أحدث تغييرات جذرية في مفهوم التسوق التقليدي، ما يعني تراجعا في تجارة التجزئة التقليدية، كما أن التجارة ذاتها تواجه عديدا من التحديات المتعلق بزيادة الإنتاجية، ومواصلة رفع الأجور، وتحسين قابلية إعادة تدوير المنتجات وخفض النفايات.
إلا أن آخرين يراهنون على أن الوضع سيتحسن إذا ما توصلت المملكة المتحدة إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي على الأمور التي ما زالت عالقة رغم الخروج رسميا، إذ سيعزز ذلك ثقة المستهلكين ويدفعهم لزيادة الإنفاق.
المصارف أيضا لم تكن أحسن حالا العام الماضي، فعلى الرغم من أن تقديرات الخبراء تشير إلى أن القطاع المصرفي الإيطالي بدأ عام 2020 في صحة أفضل مما كان عليه العام الماضي، فإنه يصعب إنكار أن ذلك القطاع كان على شفا الهاوية عام 2019، وطرحت حينها تساؤلات مشروعة بشأن إمكانية انهيار النظام المصرفي الإيطالي وتأثير ذلك في النظام المصرفي الأوروبي ككل.
ربما كانت أكبر مشكلات القطاع المصرفي الإيطالي عام 2019 تتمثل في ارتفاع مستويات القروض المتعثرة وضعف ميزانيات البنوك الإيطالية، ورغم أن مساعدات الحكومة للنظام المصرفي مكنته من النجاة ولو مؤقتا من الانهيار، فإن الصحة العامة للنظام المصرفي الإيطالي لا تزال أقل من المتوسط بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، إذ قدرت قيمة القروض المتعثرة في النظام البنكي الإيطالي بنحو 183 مليار دولار في أيلول (سبتمبر) 2019.
لكن بعض الخبراء المصرفيين يعتقدون أنه من الظلم إلقاء العبء على النظام المصرفي الإيطالي فقط.
ويوضح هاورد كوكسون الخبير المصرفي ذلك قائلا، إن “النظام المصرفي يمثل انعكاسا للاقتصاد الإيطالي، فاقتصاد روما بطيء النمو، والبنوك الإيطالية تحتفظ بمليارات الديون في شكل سندات حكومية، كما أنها تواجه تحديات أسعار الفائدة المنخفضة التي تؤدي إلى تآكل الأرباح”.
ويضيف أن عام 2019 كان شديد الخطورة على النظام المصرفي الإيطالي، صحيح أن المخاطر تراجعت، لكنها لم تزل موجودة، ولم تبعد كثيرا.
المصدر الاقتصادية

أخبار ذات صلة

هيمنة أمريكة على طائرات الطرود المسيّرة

ألمانيا : إطلاق صندوق بـ100 مليار يورو للاستثمار في الأصول الاستراتيجية

مركز التحكيم الخليجي يكشف عن آليات متقدمة لقيد المحكمين والخبراء

موديز ترفع تصنيف ديون تركيا إلى Ba3 مع نظرة مستقرة

ZORA تفجّر مفاجأة في سوق العملات الرقمية بعد إطلاق “Creator Coins”

أسعار النفط تستقر قرب 70 دولارا بعد أول تراجع أسبوعي هذا الشهر

“TSMC” العملاق التايواني ينضم لنادي الشركات التريليونية للمرة الأولى

الذهب يستفيد من ضعف الدولار وتجدد الطلب على الملاذات الآمنة وسط مخاوف الرسوم والتيسير النقدي

آخر الأخبار
نورث سكوير مول يستضيف  ملتقى "بوابة استثمار البحر المتوسط" بتنظيم "كاونسل ماسترز" و"تي إتش جروب" السكة الحديد: انطلاق القطار الرابع لتسهيل العودة الطوعية للأشقاء السودانيين البحوث الفلكية: زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب شمال مرسي مطروح وزير قطاع الأعمال يستقبل محافظ قنا لبحث تعزيز التعاون ومشروعات تنموية واستثمارية بجنوب الصعيد البنك المركزي المصري: التضخم السنوي يسجل 11.6% في يوليو الماضي وزير الخارجية يلتقي بقادة مجموعة الحكماء The Elders الداعمة للسلام رئيس الوزراء يتابع جهود توفير المنتجات البترولية وموقف سداد مستحقات الشركاء الأجانب في قطاع البترول وزير الثقافة يفتتح فعاليات مبادرة "القوة في شبابنا 2" بحوار مفتوح مع الشباب وزير الصحة يبحث مع رئيس «هواوي» العالمية تعزيز التعاون في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي وزير التعليم يعقد اجتماعًا مع مديري ووكلاء مديريتي التربية والتعليم بمحافظتي الجيزة والقاهرة بنك مصر يدعم مستشفى القصر العيني الجامعي بـ 124 مليون جنيه لتطوير مركز رعاية الحالات الحرجة الدكتور جون سعد: المالية تؤكد إعفاء المطاعم والمحال غير السياحية من أيه ضرائب على المأكولات إي اف چي هيرميس تقدم الخدمات الاستشارية لشركة المصرية للمدفوعات الرقمية في صفقة استثمارية جديدة بقيا... EFG Hermes Advises MDP on a New Investment Led by Lorax Capital Partners وزير البترول يشهد توقيع اتفاق مبادئ لتمويل مشروع إنتاج الصودا آش ومشتقاتها بالعلمين الجديدة نتائج استثنائية تعزز ريادة ماونتن ڤيو في التطوير العقاري بمصر «الملاذ الآمن»: الفضة تحافظ على بريقها في 2025.. مكاسب أسبوعية وتفوق نسبي على الذهب رئيس الوزراء يتابع استعدادات احتفالية افتتاح المتحف المصرى الكبير بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي" رئيس الرقابة المالية يلتقي قيادات وأعضاء الهيئة عقب قرار الرئيس السيسي بالتجديد له