أعلن تقرير لشركة «غلوبال داتا» للأبحاث، أن حجم التجارة الإلكترونية شكل نحو 3.5 تريليون دولار من المبيعات العالمية في 2019، في وقت أصبحت فيه الهواتف الذكية أكثر انتشاراً حتى في معظم الدول متخلفة النمو، كما تتجه البنوك نحو إغلاق فروعها لصالح التحول الرقمي الكامل، لافتاً إلى أن جميع هذه التطورات تثير تساؤلاً حول فائدة وجود النقود بعد الآن.
وفي حين أنه لا يزال يمكن استخدامها، وخاصة بين البنوك، فإن الأموال المادية تكلف الكثير للتخزين والنقل والإنتاج، كما أن معظم العملات المعدنية المنتجة أقل قيمة من المواد المستخدمة لصنعها.
وفي الوقت الذي يمضي فيه العالم نحو هذا المستقبل المثير، وضعت «غلوبال داتا» قائمة بتوقعاتها لأهم البلدان التي ستكون مهيئة للتخلي عن استخدام النقود خلال العقد المقبل، والتي شملت كلا من فنلندا، والسويد، والصين، وكوريا الجنوبية، وبريطانيا، وأستراليا.
وفي معرض حديثها عن فنلندا، أوضحت «غلوبال داتا» أن الدولة الاسكندنافية تعتبر الآن الأكثر استعداداً للتحول الوشيك إلى مجتمع بلاد نقود، في وقت تحتل فيه المرتبة الثانية عالمياً في حجم استخدام البطاقات المصرفية، والمرتبة الخامسة عالمياً في الإنفاق على التجارة الإلكترونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، علاوة على المركز الثالث عالمياً في تغلغل الخدمات المصرفية الآلية، والثاني على مستوى انتشار أجهزة الهواتف الذكية.
ووفقاً للتقرير، فإن أهمية النقد تتوارى بشكل تدريجي في فنلندا في كل من المناطق الريفية والحضرية، وعلى رغم من أنها لا تتخذ تدابير شديدة مثل السويد في التحرك نحو اقتصاد رقمي بالكامل، فإن فنلندا تبدو مستعدة أكثر في الوقت الحالي للتخلي عن النقود لصالح الرقمنة.
من جانب آخر، أشار التقرير إلى أن السويد مرشحة لأن تكون من الدول التي سيختفي فيها «الكاش» تماماً بحلول 2023، مع اتخاذها سياسات صارمة تجاه هذا التحول، ويرجح أن تقفز إلى صدارة الترتيب العالمي خلال الأعوام القليلة المقبلة.
من ناحية أخرى، أوضح التقرير أن الصين مرّت بتغيير هائل في السنوات الثلاثين الماضية، وقد عزز العقد الماضي البلد الآسيوي باعتباره منافساً جاداً ليكون القوة العظمى المهيمنة في هذا المجال.
ووفقاً للتقرير، فإن أحد المجالات التي شهدت تطورات كبيرة في التخلي عن «الكاش» في الصين، التبني السريع لمدفوعات الهاتف المحمول، حيث يعد مسح رمز الاستجابة السريعة «QR code» من أكثر الطرق شيوعاً للدفع، وقد تم تبني هذه الطريقة بنجاح من قبل المجتمع العام، من بكين إلى المزيد من المناطق الريفية مثل سيتشوان.
ولفت التقرير إلى أنه من بين أحد الأدلة التي تشير إلى أن الصين تتجه بسرعة نحو مجتمع غير نقدي هو موقعها الرائد بلا منازع في التجارة الإلكترونية، حيث سيمثل الإنفاق في هذا المجال نحو 11.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول 2022.
رغم ذلك، أوضح التقرير أن الصين وبحكم عدد سكانها الكبير، فإن مسألة التحول نحو مجتمع بلا نقود تحتاج لمزيد من الوقت أكثر من غيرها من البلدان الصغيرة.
من جانب آخر، أوضح التقرير أن كوريا الجنوبية تعتبر الأبرز آسيوياً في التحول نحو التخلي عن «الكاش»، ومع أن التبني الصيني للبدائل غير النقدية أسرع بكثير، فإن كوريا الجنوبية لديها بالفعل معظم البنية التحتية المطلوبة في جميع أنحاء البلاد، مبيناً أن ما يقرب من 6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد يتم إنفاقه على التجارة الإلكترونية وأكثر من 100 معاملة في المتوسط لكل بطاقة كل عام.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من نصف فروع البنوك الكورية والبالغ عددها 1600 في البلاد لم تعد تقبل الودائع النقدية أو السحوبات، كما أصبح عدد كبير من المؤسسات الحكومية غير نقدي بالكامل.
في المقابل، لفت التقرير إلى أن المملكة المتحدة، خصوصاً عاصمتها لندن، تمكنت من تعزيز المشهد التكنولوجي الخاص بها، ولم تتخلف عن عملية رقمنة الأموال، مبيناً أن المملكة المتحدة تعتبر رأس المال العالمي للخدمات المصرفية عبر الإنترنت، حيث تتصدر البلاد العديد من مجالات الابتكار في التكنولوجيا المالية. وأوضح التقرير أن الدفعات عبر الأجهزة المحمولة في بريطانيا لا تعتبر شيئاً جديداً، حيث يقبل عدد متزايد من التجار الصغار دفعات البطاقات والهواتف المحمولة.
وفي الوقت الذي تحتل فيه المملكة المتحدة المرتبة الثانية عالمياً في التجارة الإلكترونية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، لفت التقرير إلى أن البريطانيون أصبحوا مرتاحين للغاية لإخراج هواتفهم أو بطاقاتهم لدفع ثمن المشتريات اليومية العادية، وعلى هذا المعدل، من المتوقع أن تنتقل بريطانيا على الأقل إلى مجتمع يخلو من النقد بحلول منتصف 2020.
من ناحية أخرى، بيّن التقرير أن أستراليا تحتل المرتبة السادسة من حيث الاستعداد للتحوّل إلى مجتمع خال من النقد وهي تستعد بجدية لرقمنة معظم اقتصادها. وبحلول عام 2022 من المتوقع أن يكون لدى الغالبية العظمى من السكان هاتف ذكي واحد على الأقل، في حين يتوقع أن يصل تغلغل الخدمات المصرفية عبر الإنترنت إلى نحو 70 في المئة بين الأستراليين.
ووفقاً للتقرير، تم تأخير التشريعات الخاصة بالخدمات المصرفية المفتوحة قليلاً من قبل الحكومة لأسباب أمنية، ولكن بمجرد دخول التشريع حيز التنفيذ (المتوقع في 2021)، من المقرر أن يكون هناك العديد من طرق الدفع البديلة والرقمية المتاحة للمستهلك العادي.